-1-
عندما تيقن الملك حسين اواخر الثمانينات ، ان البلد يتدهور ، على حافة ثورة شعبية قد لا يكون لها سقوف ، كانت الانتخابات البرلمانية ، التي لم يتم ترتيبها ولا ترتيب قانونها للتمكين لعودة الفساد والفاسدين بشريعة القانون ، حال ما يجري اليوم ، جرت الانتخابات وتوقف غليان الشارع ، وحمى الله الاردن يومها من فتنة جامحة على بلد وصل لذاك التاريخ محفوفا بعشرات الفتن و التقلبات الاقليمية وظل نظامها السياسي قائما ما بين كماشتي ثورة مصر في الخمسينات وحرب الخليج بمراحلها الاولى والثانية ..!!
-2-
اليوم ، الظروف المحلية صعبة ، والاقليمة اصبحت تجربة محاكاة ، و الاصلاح السياسي في الاردن هو الافقر عربيا في ظل دول الربيع الراهن ، فمنذ ارهاصات الحراك السياسي ، تم تعين ثلاثة رؤساء وزراء على راس السلطة ، لا يمكن اعتبارهم دون استثناء الا حالة تحدى ، وعزوف عن الاصلاح ، و تغافل عما يجري تحت الرماد..!!
تم تعين سمير الرفاعي وريث عهود الانفصام بين السلطة والشعب منذ عهد جده الاول ووالده عنوان ثورة نيسان ، لاجراء انتخابات برلمانية نزيهة ، الانتخابات تمت بنظام انتخابي " خارج حسابات التكوين الديمقراطي " للعالم كله ، وقاطعتها القوى السياسية ، وكان ذلك مبررا كافيا لتزوير الانتخابات على نحو لا ينتج قوى معارضة جديدة بغياب القوى المؤدلجة ، ثم كانت حكومة البخيت التي زورت الانتخابات السابقة ، وتوغلت في " اكثر " ملفات الفساد شعبويا ، وانتهينا بحكومة الطراونة التي يغني تاريخ رئيسها المحافظ ، والمندفع باتجاه اسرائيل وتحجيم المعارضة ، الى الحديث عن اي اصلاح سياسي ، ولم تكن حكومة الخصاونة التي جاءت في اعقد مفاصل الحراك السياسي بحكومة مقبولة بالشارع العام وكانت رهينة تركيبة متوارثة من الفساد ، لم يشفع لها رئيسها ان تسقط بطاقمها قبل ربانها ...
-3-
اليوم تتحول ماكينة الاعلام الرسمي الهش ، المنحدر من عصور بالية والتي لا محل لها في الشارع الاردني ضمن الانفتاح الفضائي ، تتحول هذه الماكينة دون ان يسمعها احد الى " التبشير " بقانون انتخابي ، سينقذ الاردن والاردنيين ، من قبضة الربيع العربي ، وقوى الاسلام الاسياسي التي يتم التخويف منها على كل الاتجاهات ، عربيا ودوليا ، يتحدث " الاعلام الرسمي" ، والسامع الوحيد له هو صاحب القرار الرسمي" ، فيما يرى سواد الشعب ان صناعة القرار غائبة عن حجم ما يدور حولها تتحدث عن بضعة الاف من الحراك السياسي ، والحراك المعارض ينفذ تدريجيا الى قلب كل الى اردني ..!!"
-4-
تساؤلات مشروعة ، لم يعيها صناع القرار حتى اليوم..!!
لماذا تحولت قوى " المتقاعدين العسكرين " الى اقصى يمين المعارضة ، وتجاوزت معارضتها خطوط الحراك الحزبي ، والذي كان دارجا فيما مضى ان الدولة كانت تستعين بهم لاستعراض قوتها امام الاحزاب والمعارضة ، وكانت تدفع بهم قبل التقاعد لتزوير الانتخابات ، ليس ببعيد عندما جرت انتخابات بلدية الزرقاء وجندت المعسكرات لافشال نفوذ الاخوان المسلمين في المدينة الاردنية الثانية ، اليوم يقف العساكر في كل حراك سياسي وعبر المنابر الاعلامية وينالون من الفساد الذي يعتبرون انفسهم كبقية الاردنيين اكبر ضحاياه ، وليس ببعيد كذلك ان القوى المؤيده بالجامعات عندما كانت تريد استحضار هيبتها ، تدعو من تسميهم بابناء " المكرمات الملكية العسكرية " ، الذين صاروا اليوم فتيان الحراك ضدها في الجنوب والوسط والشمال ...!!
-5-
الذي يعتقد ان هناك خطوات اصلاح حقيقة ، هو رهان خاسر ، ومجلس النواب الذي يقر القوانين تلو القوانين في هذا السياق ، انما هو مجلس فقير ، قادر على اقرار اي قانون و ضده حسبما تدفع به ما صار يسمى بقوى الشد ، مجلس تحول عبر وسائل الاعلام غير الحكومية وصفحات التواصل الاجتماعي والانترنت الى " اضحوكة !!" اقرب ما تكون الى الحالة السائدة بالبرلمانات العربية التي انتجتها انظمة شمولية لتتزين بها امام العالم ، فكان ان صارت " مضحكة !" لا تولى لها القراءات المحايدة اية قيمة في اي تغير يمكن اسقراؤه لوضع البلد ..!!
-6-
من المؤكد اليوم ، انه حتى اللحظة الاخيرة لافول انظمة عربية رحلت عنا غير بعيد ، ظل صناع القرار فيها يقللون من شأن الراهن الصعب فيها ، حتى وجد زين العابدين نفسه في طائرة عالقة في الجو ، ومبارك نفسه في سجن على حمالة مرضى ، والعقيد هائما على وجهه في الجحور و صالح " مشويا " بوجهه لا يعرف كيف يتقي اللهب ..!
لم يعد خافيا على احد ان الاردنيين قد قالوا كلمتهم ، وان السلطة التنفيذية والتشريعية التي تدير البلد هي امتداد للفساد الذي يتحركون من اجل تغيره ، واي تغير بالبقاء على الماكينات السابقة من الرموز المنتهية الصلاحية ، منهم او من القوانيين التي تفصل لحمايتهم ، بقادر على ان يوقف اندفاع الاردنيين – كل الاردنيين – نحو المعارضة ، وبعدها الى الشارع ..!!!