ما حصل مع الأخ والصديق باسل البشابشة أحد أبرز الناشطين في الحراك الأردني المبارك يعتبر تحولاً وانحرافاً كبيراً وغير مبرر في مسار التعامل الأمني مع الحراك ورموزه في الأردن والذي اتصف في معظمه بالسلمية والرقي والتفهم لمطالب هذا الحراك و دوافع أصحابه سواء كانت الوطنية منها من مكافحة للفساد ومطالبة باستعادة سلطة الشعب المسروقة وإرادته المزورة وغيرها من القضايا التي تعتبر محوراً للعملية الإصلاحية برمتها أو المطلبية الآنية التي تلامس هموم الشعب وتعبر عما يعانيه أغلب أبناء الوطن وفي مقدمتهم أبناء الأجهزة الأمنية.
ما حدث يعد خروجاً عن المألوف ويدفع بقوة نحو ترسيخ القناعات الشعبية بعدم وجود أي نية باتجاه الإصلاح ويأتي في سياق حملة ممنهجة لتكميم الأفواه وإرهاب أصحاب الأصوات بعد مضي أكثر من عام و نصف على مسرحيات الإصلاح الفاشلة والتي انتهت بفضح القائمين عليها شعبياً ودولياً وأسقطت جميع أقنعتهم المزيفة وعرتهم من ثيابهم الإصلاحية المستعارة فظهر قبحهم بأبهى صوره وبالتالي بات الحل الأمني والنهج القمعي هو شعار المرحلة علماً بأن هذا النهج قد ثبت سقوطه تاريخياً وانعدام فعاليته على المدى البعيد وسيخسر من يعول عليه وما المثال السوري ومن قبله الليبي إلا أمثلة حية على هذا الفشل مع اختلاف التفاصيل بين الوسائل المستخدمة ولكن القمع هو القمع.
في قضية أو مسرحية الأخ باسل والتي تجاوز فيها الإخوة في الأمن ومن رافقهم من موظفي البيئة والبلدية القانون وتخطوه أكثر مرتين مرة وهم من يفترض بهم تطبيقه وذلك بمنحهم لأنفسهم حق التفتيش على أغذية فاسدة في محل يقع داخل المنطقة الصناعية في الكرك والذي يخضع تفتيشه لقانون مختلف يعطي حق التفتيش والمتابعة للجنة شاملة مشكلة من أعضاء من كل من لجنة سلامة عامة و مندوب بلدية وصحة ومحافظة وبيئة وشرطة وموظف من المؤسسة ومرة اخرى باستخدامهم قوة كبيرة من الأفراد المدججين بقنابل الغاز المسيلة للدموع و الأعيرة النارية والتي أطلقت بكثافة جنباً إلى جنب مع الاعتداء البدني على الأخ ومن تواجد معه وعلى موجودات المحل وكل هذا مثبت بالصور التي تظهر أثاراً لحملة تفتيشية لا تتناسب إطلاقاً وجوهر القضية حتى وإن تأكدت بوجود (5) كيلو كبدة فاسدة فكم من بواخر تحمل أغذية فاسدة أوقفت في الموانئ لشهور منها من أرجعت ومنها من هربت كباخرة سور ومنها من .. ولم نسمع عن طلقه غازية واحدة أطلقت حتى وإن كانت مسيلة لدموع الضحك ولم نقرأ عن اعتداء واحد تعرض إليه أحد من كبار التجار الذين يضبط عندهم أغذية فاسدة بين الفينة والأخرى بل يطبق عليهم القانون.
.
حجم الهجوم المثبت بالصور تعطي انطباعاً بأن الهجوم لم يكن للقبض على (5) كيلو كبدة فاسدة بل القبض على إرهابي متحصن في معقله مدجج بأطنان من المتفجرات وليس برفوف من الأغذية وثلاجات من العصائر والكبدة وهذا ما يؤكد لنا أن الأغذية الفاسدة المزعومة في مسرحية الأخ باسل لم تكن سوى ذريعة واهية يراد من خلالها إيصال رسائل في كل الاتجاهات لن تجد من يقرأها أو حتى يعيرها اهتماماً من شباب الحراك الأردني المبارك والذي يعتبر الأب الشرعي والوحيد للإصلاح في الأردن فهم أكبر من هذا الهراء وأصلب وأشد عوداً وهذا ليس بغريب على شباب جلهم من أصحاب الشهادات العليا يتسلحون بثقافة واسعة ووعي وإدراك كبيرين منحوهما القوة للسير في هذا الحراك كل هذه المدة بسلمية ورقي وحضارة عكست ما يتمتعون به من أخلاق وشهامة وحب للوطن.