بسم الله الرحمن الرحيم
" مكياج القبيحة "
هذا المقال ارسل الى جريدة الدستور ولم ينشر
يداري البعض جهلهم وضعفهم ونشاز اصواتهم واشكالهم وأقوالهم واحاديثهم التي يعلمون أنها لا تقنع أحداً يدارونها من خلال تجميلها وتزويقها ( ومكيجتها ) مع أنْ ذلك لا يغير من حقيقتها شيئاً .
بعض الذين حرموا جمال الصوت يغطون قبحها بالهدير والزعيق أو تضخيم الصوت من خلال الوسائل المساعدة حتى لا يسمع الناس حقيقتها .
وهكذا يعكف ضِعاف الحجة أو الذين لا حجة في طرحهم للاختباء خلف بعض الاشخاص والشخصيات التي يرهب بعض الناس الحديث حَوْلها، وكذلك من حرمت الجمال تعمد إلى المحلات المتكاثرة تكاثر البكتيريا في كل حيّ لتصنع من القبيح جميلاً ومن المتوسط متميزاً لكن الأخطر في تغيير الصور والأشكال والحقائق هو التلاعب بالقرارات المصيرية والقوانين العامة التي تحكم حياة الشعوب لسنوات طويلة (( ربما)).
واليوم بعد عشرين سنة من اتفاق افهام معظم الاردنيين وغالبيتهم الساحقة التي اكتوت بنار قانون الصوت الواحد المجزوء المصنوع خصيصاً للاردنيين عام (1993) بعد أن استكثروا عليهم اختيارهم الحر لمجلسهم النيابي الحادي عشر الذي اعتبرفلتة لا يصح أنْ تتكرر تحت أي ظرف .
وقد اعلنت لجنة الحوار الوطني تخليها عن مخلفات هذا القانون وآثاره المدمرة واختارت نظاماً انتخابياً بديلاً مؤقتاً ريثما يتم الوصول لقانون انتخابي عصري، وقد ضمن ملك البلاد مخرجات لجنة الحوار أمام الشعب الاردني ، ثم قال بعد ذلك إننا جعلنا قانون الصوت الواحد خلف ظهورنا ،ثم قامت ثلاث حكومات خلال الاشهر الاخيرة باجراء حوارات مع شرائح الشعب الاردني حول قانون الانتخابات شملت العشائر والاحزاب والنقابات وشخصيات وطنية وقيادات شعبية عديدة إلا أن الاصرار على وصفة قانون الصوت الواحد كان هو العامل المشترك بين العديد ممن يتصدرون المشهد الرسمي منذ عقود.
وبعد الرفض الشعبي العام المتزايد انتظر الشعب الاردني رد هذا القانون وعدم الموافقة عليه لقناعتهم بفساده وأثره المدمر عليهم خلال تطبيقه لعشرين عاماً .
اليوم يتعرض هذا المشروع المرفوض والذي لا يجد خاطباً لعمليات تجميل عديدة لكنها غير قادرة على اخراجه بصورة مقبولة مهما كانت هذه المواد المستخدمة لتحسينه ، والآليات المتبعة لتمريره .
إن الوجه القبيح لن يتحول الى ملك جمال جَذَّاب حتى لو قدم على مقعد من ذهب وألبس أجمل الثياب، ولا يُصْلِحُ العطار ما أفسد الدهر
ولا بد أن يذوب الثلج الابيض الناعم ليظهر ما تحته من حجارة ورمالٍ وزواحف وغَيْرها مما لا يَسُر
قانون الصوت الواحد المجزوء الذي مزق نسيجنا الاجتماعي الضيق ، وغيب الارادة الشعبية الحقيقية للاردنيين ، وفتح الباب أمام المستبدين والمفسدين الذي ضيعوا ثروات الوطن لن يُحسَنّه وجود عشرين أو ثلاثين مقعداً على مستوى الوطن، واستبداله تماماً هو المنهج السليم فقط وما سوى ذلك فهو مكياج القبيحة التي ستواجه مصيرها في الطلاق في اليوم التالي من الزفاف.
سالم الفلاحات
Salem.falahat@hotmail.com