على أنغام أغنية ثورية \" هبت النار\" ابتدأت تعلو الهتافات والصراخ والرقص المجنون والعري الفاضح لنساء مجتمع عربي مسلم والتصفيق الحار من رجال أبعد أن يكونوا أشباه للرجال- أغنية ثورية لها معاني تبكي الحجر وتحيي القلوب الميتة فكيف بالإنسان الذي يتغنى بها ويتمايل بفحش ولا حياة فيمن تنادي مجرد إيقاع يتراقص عليه من لا نخوة لديه فقد أصبحت المشاعر في طي النسيان وتبلدت الأحاسيس من تجرع الذل والعصيان- وغيرنا ممن هم تحت خط النيران- يتجرعون المرارة والحسرة ليس بمواجهة العدو الظالم الجاثم فوق الصدور فإنهم قادرون على المواجهة ولا تثنيهم شيء ولكن من ردود أفعال الأخ المسلم العربي الذي بات الظلم والظلمات والجبن والخنوع لديه سواء بسواء وموقفه الصامت بلا حراك أشد فاجعة بالنسبة له من مواجهة ذاك العدو- فما دام الحال كذلك وبين ظهرانينا من لا حس لديه ولا همة فيا قدس لن تعود .
في زمن مضى صرخة لامرأة عربية مهانة على حدود بلاد الروم عندما نادت \" وا معتصماه\" فلما بلغه النداء كتب إلى ملك الروم \" من أمير المؤمنين المعتصم بالله إلى كلب الروم أطلق سراح المرأة وان لم تفعل بعثت لك جيشا أوله عندك وآخره عندي ثم أسرع إليها بجيش جرار وحشد كل ما لديهم من عدة وعتاد قائلا \" لبيك أختاه\" .
وفي زمن آخر حمى الله الكعبة من أن تهدم بجيش أبرهة قبل الإسلام لان الرّب راعيها ولعدم وجود تكليف للإنسان المسلم حينها , ولكن بالمقابل تعرضت الكعبة أكثر من مرة للهدم بعد الإسلام وذلك لضياع التكليف بين الناس , فإما أن يقوم الإنسان بما كلف به ويكون النصر حليفه وإما أن يظل تحت وطأة الذل والانقياد , وربما كان الحل الثالث أن يستبدل الله الناس بأقوام يحبهم ويحبونه أعزة على الكافرين أذلة على المؤمنين . فأين هم هؤلاء الأقوام ونحن نعيش أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين فلا عودة لك يا قدس فلا تعود.
نحن الآن كيف سننتصر؟ وكيف سننصر من يقع عليه الظلم والعدوان؟ أهو بالتظاهر كأن شيئا لا يحدث كما هي العادة لدى البعض \"اللامبالاة\" – أم بالمحاورات التي لا ترجى منها فائدة فعصر الكلام المعسول ولى وراح ولم تعد تفيد تلك الكلمات في ظل عدو لا تهزه قوانين ولا اعتبارات ويضرب بعرض الحائط كل المعاهدات ولا كبير عنده إنما أقزام يحركهم بأنامله كيفما يشاء - أم بمجرد التبرع بالمال , وما الذي سيفعله المال في ظل الحصار والحيتان التي تستنزفه لآخر قطرة – فما نفع المال بلا إخلاص وهمة وعدة وعتاد – أم بالرقص والتغني والمجون - وهل تمايل الأجساد والأرداف وهز الخصور وعري الصدور وإثارة الفاحشة التي تُغَيّب الذهون أكثر من مَغِيبِها ستعيد الحقوق وتطفئ النيران المشتعلة- وهل صرخات النساء والأطفال والقتلى ستجعل تلك الحشود الراقصة المتمايلة تهب لنجدة من استجار من عدو استباح الأرض والعِرْض ؟ وما العدة التي سيعدونها؟ أهي الطبول والدفوف والمزامير أم الراقصات العاريات المائلات المميلات- فإذا كانت هذه من ستعيدك فلا نريد عودتك وأنت وسط أشباه للرجال والنساء, فيا قدس لا تعود.
يا قدس لا تعود مادام فينا من يملك العقل وهو مُغَيّب بفكرٍ مسموم مُتَحَضّر مُحْتَضَر- يا قدس لا تعود ما دام فينا من يملك المال ويضعه موضع الحرام والشبهة والسهر- يا قدس لا تعود ما دام فينا من قلبه ينبض بحب الملذات والشهوات والكِبْر- يا قدس لن تعود إلا إذا هبّت النار وَوُضِعَتْ الروح بين قبضة الكف والقبر.
Enass_natour@yahoo.com