إستبق رئيس الجمهورية المصري محمد مرسي ، قرار المحكمة الدستورية ، وألغى قرارها عملياً ، وأعاد مجلس النواب المنحل إلى العمل ، وبما يتعارض مع قرار المحكمة ، وبإنقلابه هذا عن المستحقات الدستورية ، قسّم الشعب المصري وقواه السياسية بين مؤيد لقراره ، أو رافضاً له ، وهذا ما كان متوقعاً ، فالقوى السياسية من اليساريين والقوميين والليبراليين والقطاعات الأوسع من المستقلين وقفت إلى جانبه في جولة الأنتخابات الثانية ، وإنتخبوه ، لا تأييداً لما يمثل بإعتباره مرشحاً عن حركة الإخون المسلمين ، بل نكاية بالمرشح أحمد شفيق ، وما كان يمثل بإعتباره عسكرياً سابقاً وأخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق مبارك .
ما حصل ، من إصطفافات بين المصريين ، في إنتخابات الأعادة لرئاسة الجمهورية ، لن يتكرر ، لأن مصالح ورؤى وإجتهادات المصريين المختلفة ستعكس نفسها على المواقف والسياسات وتطور الأحداث ، وها هي القوى السياسية التي وقفت إلى جانب مرشح الأخوان المسلمين الرئاسي ، تختلف معهم ، ومع قراره كرئيس للجمهورية ، بإعادة مجلس النواب المنحل وبما يخالف قرار المحكمة الدستورية .
الأخوان المسلمون ، حققوا الأغلبية في الأنتخابات المصرية ، التشريعية ، ونجح مرشحهم لرئاسة الجمهورية ، ولكن هذا لا يعطيهم الحق بفرض ديكتاتورية رأيهم ومصلحتهم على باقي مكونات ومصالح الشعب المصري ، مثلهم في ذلك ، مثل حركة الأخوان المسلمين الفلسطينية ، حركة حماس ، فقد حصلت على الأغلبية البرلمانية في الأنتخابات التشريعية عام 2006 ، ولكن هذا لا يعطيهم الحق بالأستفراد بقطاع غزة وعدم قبولها للأحتكام إلى صناديق الأقتراع مرة أخرى ، تحت حجة النية في تزوير الأنتخابات ، فالتزوير له إجراءات لمنعه وخطوات للتصدي له ، عبر المراقبين المحليين والعرب والأجانب ، خاصة وأن هذه الأنتخابات التي فازت بها حماس وحصلت فيها على الأغلبية ، عملها وأنجزها ورضخ لنتائجها الرئيس محمود عباس ، وحركة فتح ، والأجهزة الأدارية والأمنية للسلطة الوطنية ، كانت حجة حماس أن لدى حركة فتح مشروعاً للأنقلاب ، فإستبقوا الحدث وقاموا هم بالأنقلاب ، فهل هذا جائز ومقبول بالمعايير القانونية والدستورية والديمقراطية ، بعد أن ثبت عدم قيام فتح بالأنقلاب ، أو أنها غير قادرة على تحقيق الأنقلاب ، ولذلك على كليهما أن ينصاع لصاحب الولاية ، وصاحب الولاية هو الشعب الذي يمنح الشرعية أو يحجبها عمن يشاء عبر صناديق الأقتراع .
حركة حماس ، حصلت على الأغلبية التشريعية في فلسطين ، ولكنها لم تكتف بذلك وقامت بإنقلاب أسمته " الحسم العسكري " لأنها لم تكتف بنتائج صناديق الأقتراع ، والأخوان المسلمين في مصر حققوا الأغلبية البرلمانية بالأنتخابات التشريعية ، ولكن رئيسها ومرشحها ، الرئيس مرسي لم يكتف بما حصل عليه ، فجاءت خطوته الأنقلابية على المحكمة وقرارها بمثابة الخطوة الأولى لفرض الهيمنة وعدم الأذعان لقرارات مؤسسات الدولة الدستورية ، بل يسعى لأستثمار الأغلبية ، نحو فرض الهيمنة والتفرد والأستئثار .