لو هبط شخص من المريخ على بلاد العُرب وسكن فيها يتأمل ويتفكر وبعد فترة من زمن مكوثه طُلِب منه أن يحدد دولة الاحتلال هل هي فلسطين أم إسرائيل ؟... لأجاب دون تردد : الذي يرى انفتاح العرب على إسرائيل ، وانغلاقهم على فلسطين وتضييق الخناق عليها وإمداد الغاز لإسرائيل بثمن بخس و اكتشاف الأنفاق الفلسطينية وتدميرها واعتبار ذلك إنجازا ، وبناء الجدار الفولاذي ناهيك عن الحصار وكأن شعب فلسطين هم يأجوج ومأجوج ولو استطاع العرب قطع الهواء عنهم لفعلوا إرضاء لـ ... يكون على يقين بأن إسرائيل دولة عربية شقيقة حتى النخاع ، وفلسطين هي الدولة الصهيونية الإرهابية الغاصبة الجلالدة الظالمة لذلك حاصرها العرب تضامنا مع إخوانهم الإسرائيليين!!
الطامة الكبرى وما أدراك ما الطامة الكبرى هي عندما يكتشف الرجل المريخي بالدليل القاطع أن الشعب المحاصر هم من بني جلدة العرب ولكن سرعان ما تزول الدهشة والاستغراب عندما يتبادر إلى ذهنه.. ضربُ العراق من خلال الأراضي والبحار والأجواء العربية ، ومقاطعة سوريا بغية عزلها ، وتخلي العرب عن السودان والصومال والمقاومة اللبنانية ، ورفاهية الناس خارج حدود الوطن العربي على لحم أكتاف الشعوب العربية من خلال ضخ مئات الترليونات في بلادهم ، و تسابقهم وتسارعهم لكسب رضا أمريكا وأخواتها ..عندها سيخلص المريخي إلى نتيجة مفادها : إن أسوأ عدو للعرب هم العرب أنفسهم.. وربما سيموت قهرا أو يعود من حيث أتى بغير رجعة!!.
وعلى سيرة الرجل المريخي أضيف: إذا عملاق احتل بيتا ما وطرد صاحبه بالقوة ، وبعد سنين من الاقتتال والمناوشات ، تدخل طرف ثالث يعرض الصلح والتسوية على مالك البيت تحت شعار\" بيت الدرج مقابل السلام\" أو خذ الجزء واترك الكل ؛ أي خذ بيت الدرج ، واترك كامل البيت للعملاق وعلى هذا الأساس يتم السلام مع أن المنطق يقول يجب إرجاع كامل البيت لصاحبه ثم يأتي الحديث عن السلام شريطة ألا يُقدم العملاق على فعلته النكراء ثانية .
إذن .. سكوت العرب عمليا لا تنظيريا عما يجري في فلسطين وليس آخرها كنيس الخراب يجعلنا نشعر أن إسرائيل دولة عربية محتلة ، وفلسطين تستحق العقاب كونها دولة غاصبة أو ما يُسمى دولة الاحتلال الفلسطيني !!.
وما قيل سبق أن قاله المتنبي حيث قال :
وإنما الناس بالملـــــــوك وما تُصْلِح عُرْب ملوكها عَجَمُ
في كل أرض وطأتها أمَمُ تُرْعَى بعبد كأنها غَنَـــــــــــمُ
وقاله أبو العلاء المعري عندما نقد حكام عصره:
يسوسون الأمور بغير عقل ويَنْفُذ أمرهم فيقال ساسه
فأفٍّ من الحياة وأفّ مني ومن زمن رياسته خساسه
أما الشافعي فقال:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا
وأخيرا اطلب من إسرائيل هدم المسجد الأقصى لنعرف من هم أولياء الله ومن هم أولياء أمريكا..
وما زلت أعتقد أن حلفا عربيا ــ تركيا ــ إيرانيا سيهز وسيزلزل العالم وسيقلب الأمور رأسا على عقب .