أحداث العصر المتسارعة ومتغيراته المتلاحقة أصبحت تترك آثارها على شتى مناحي الحياة. لم يعد هناك شيء في مأمن عن أن يتأثر ـ إيجابا أو سلبا ـ بما يشهده العالم من حولنا من تطورات لا تقف عند حدّ الشباب والفتيات، وبخاصة الطلاب والطالبات، في مقدمة شرائح المجتمع التي تظهر فيها بجلاء تلك الآثار، في صورة مشكلات، أو اضطرابات، أو صراعات نفسية، أو غيرها.تنامي تلك المشكلات يُبرِز أهمية دور \\"المرشد الطلابي\\" في المدرسة، للأخذ بأيديهم إلى برّ النجاة، بعيدا عن عواصف تلك المتغيرات.فهل ينجح هؤلاء المرشدون في تحقيق هذه الغاية؟.. المرشد التربوي في المدرسة، له دور مهم في تنمية شخصية الطالب وإعداده للحياة ويعمل على إكسابه مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة في اختيار مهنة المستقبل بما يتوافق مع ميوله وقدراته وإمكاناته ومتطلبات المهنة، وبما أن قرار مهنة المستقبل من أهم القرارات التي يتخذها الفرد في حياته، وهذا ما نلمسه لدى أبنائنا الطلبة في المدارس حيث يواجهون الصعوبات والمشكلات في اختيار نوع الدراسة أو المهنة التي تناسب امكاناتهم وميولهم وبخاصة عند إنهائهم نهاية المرحلتين الأساسية والثانوية، وعليه فإن خدمات التوجيه والإرشاد المهني تساعد الطالب على اكتساب الوعي في عدة مجالات منها الوعي الذاتي ، والمهني و التربوي والاقتصادي، والوعي بحاجات سوق العمل مما يساعده على اتخاذ القرار المهني المناسب بما يتوافق مع ميوله وقدراته وإمكاناته ومتطلبات المهنة وحاجات سوق العمل الأمر الذي يمكنه من تلبية حاجاته وحاجات مجتمعه والنهوض به . ونظراً للتغيرات التي طرأت على حياة المجتمعات المختلفة، وعلى حياة الفرد في عصرنا الحالي، نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي وما رافقها من تغيرات سريعة ومستمرة في جميع جوانب الحياة التي من أبرزها التغيرات والتعقيدات المتزايدة في عالم المهن، الأمر الذي يتطلب من الفرد التكيف المهني وتحقيق الصحة النفسية في بيئة العمل وانطلاقاً من مبدأ الفروق الفردية بين الأفراد من حيث القدرات والميول والاستعدادات والاتجاهات وسمات الشخصية، فإنه في المقابل لكل مهنة متطلبات وشروط للدخول بها، من حيث الإعداد والكفايات والخصائص الشخصية المميزة من القدرات والاستعدادات والميول بما يتوافق مع متطلبات تلك المهنة. لذا فالحاجة لبرنامج الإرشاد والتوجيه التربوي والمهني أصبح أمراً هاماً وضرورياً ضمن النظام التعليمي، حيث يعتبر جزءاً من العملية التربوية وعنصراً هاماً من عناصرها الأساسية ومكملاً لها . وجود المرشد التربوي للطلبة في المدارس يهدف لمساعدة الطالب على تنمية مفهوم الذات لديه، وذلك من خلال زيادة معرفته لإمكاناته وقدراته واستعداداته وفهمها بشكل أفضل هذا من جهة، ومن جهة أخرى إلى مساعدته إلى فهم عالم المهن وإمكانات البيئة وحاجات سوق العمل، من أجل مساعدته على اتخاذ القرار المهني المناسب بما يتوافق مع ميوله وقدراته وإمكاناته ومع متطلبات الدراسة أو مهنة المستقبل، وبما يتوافق مع حاجات سوق العمل . فوجود مرشد تربوي في المدارس تكمن اهميته عند عدم قدرة الطلبة في نهاية المرحلة الاساسية على اختيار فرع التعليم المناسب لقدراتهم وميولهم العلمية والمهنية، بسبب عدم توفر المعلومة التي تساعد الطلبة وأولياء امورهم في اتخاذ القرار المهني الصحيح والذي يحقق طموح الطالب ومصلحة المجتمع. كما انه يجب تفعيل دور المرشد التربوي في حل قضايا الطلاب و تشجيهم على التعلم . الكثير من المرشدين التربويين في المدارس ليس لهم دور اساسي مميز يقومون به لقلة نشاطهم وحرصهم على وظيفتهم فيتواجدون في الغالب بالقرب من مدير او مديرة المدرسة ، ان عمل المرشد يجب ان تكتنفه السرية ومكان عمل المرشد ( غرفة الإرشاد ) غالبا بعيدة عن غرفة المعلمين لذا لا يظهر عمل المرشد بشكل مباشر . كما يجب ان يكون له دور فعال في حل المشكلات الطلابية وظواهر مدرسية مع وجود تعاون بين المعلمين و المرشد التربوي حينها ينجح فريق المدرسة اكثر بتوفير بيئة سليمة للطالب وكذلك علاج مشكلات الطالب بعيدا عن المصلحة الشخصية وان يعمل من اجل تحقيق اهداف كثيرة وان يكون لديه خطة يعمل على تحقيقها و توفير المودة والاحترام والعلاقة الودية بين الطلاب انفسهم وبين الطلاب والمعلمين كما انه عضو من أعضاء الطاقم المدرسي وبالتالي فهو جزء من فريق يعمل ضمن خطط وأهداف وزارة التربية من أجل تحسين وانجاح العملية التربوية التعليمية ضمن القوانين والأنظمة المدرسية وبالتالي لا تقل أهمية دور المرشد عن أهمية المعلم كل في مجاله وتخصصه . الا أن انجازات الارشاد لاتظهر مباشره فالطالب لايخضع لامتحان عند المرشد ليأخذ علامته.والمرشد يتعامل مع حاجات انسانية واجتماعية وتربوية وتعليمية قد تمتد أسبابها ومسبباتها الى أكثر من جانب وأبعد من المدرسة مما يجعل مهمة المرشد أصعب وأدق . بعض المرشدين الطلابيين والمرشدات يقفون عاجزين عن التعامل مع أبسط مشكلات الطلاب والطالبات النفسية.البعض يتصدى للمشكلات بأسلوب خاطئ، الأمر الذي يفاقم المشكلة النفسية للطالب أو الطالبة، ويزيد آثارها السلبية المستقبلية. لذا فان الحاجة ملحة إلى تعيين مرشدين متخصصين في علم النفس في المدارس وعدم الاعتماد على المعلمين غير المتخصصين.حيث ان بعض المدارس تقوم بتكليف المعلم بالإرشاد و قد يحمل خبرات جيدة، بما يتعلق بالتوجيه والإرشاد، إلا أن هذه الخبرة لا ترقى في معظم الأحيان إلى تقديم الخدمة الإرشادية التخصصية. فبعض المعلمين المكلفين بالإرشاد لا يجيدون فنيات دراسة الحالة، أو أساليب الإرشاد النفسي، ولابد من الاشارة هنا الى أهمية التدريب العملي في مراكز الإرشاد النفسي والمدارس، لاكتساب المهارات المطلوبة. حيث ان مشاكل الطلاب والطالبات كثيرة، وتنم عن معاناة حقيقية، وتحتاج إلى المتخصصين الذين يجيدون التعامل مع تلك الحالات الا ان هناك ضعف في الأداء العملي، لأن بعض المرشدين غير قادرين على أداء المهمة الإرشادية بكفاءة، كما أن كثيرا منهم يمارس أعمالا إدارية أو كتابية روتينية، إضافة إلى ضعف الوعي بدور الإرشاد كمهنة تخصصية هامة في بناء الإنسان، وتنمية شخصيته، وعدم إعطائها القيم التي تستحقها. لذا يجب اسناد الإرشاد والتوجيه في المدارس إلى متخصصين مؤهلين يجيدون دراسة الحالة وتحديد المشكلة، ودراسة أبعادها، ووضع الخطة العلاجية، وتنفيذها سواء أكانت المشكلة نفسية أم اجتماعية أم تعليمية أم تربوية، إضافة إلى وضع الخطط الوقائية لذلك.و إذا فشلنا في إيجاد المرشد الطلابي المتخصص الذي يحمل سمات الشخصية المطلوبة، والحماس اللازم، بالإضافة إلى الإعداد والتدريب الجيد، فإن ذلك ينعكس سلبا على مستقبل أعداد كبيرة من أبناء الأجيال القادمة. ان مهنة التوجيه والإرشاد تحتاج إلى ثقافة عالية، وإطلاع واسع في مجالات علم النفس التي تواكب المهنة.. أما فيما يتعلق بمشاكل الطلاب في المدارس فالحل الوحيد لها هو تكثيف البرامج الهادفة. وإذا أرادت وزارة التربية والتعليم النهوض ببرامج التوجيه والإرشاد وتعديل سلوك الطلاب فعليها تذليل الصعاب التي تواجه الإرشاد الطلابي بالمدارس مثل تعيين مرشدين طلابيين متخصصين يحملون مؤهلات تتناسب مع هذه المهنة، إضافة إلى الدعم المادي لقسم التوجيه والإرشاد في المدارس، لعمل برامج هادفة. فالمرشد التربوي غير المتخصص يمكن أن يتعامل مع بعض المشكلات التربوية، ولكنه سيعجز عن حل مشاكل الطلاب النفسية التي تحتاج إلى شخص يستطيع التعامل معها بشكل احترافي. لذا يجب الاهتمام بالإرشاد الطلابي، لأنه يُعدّ الركيزة الأساسية للعملية التربوية، وألا تسند هذه المهمة إلا لذوي الاختصاص. حيث يمر الطالب بمشاكل نفسية قد يعجز المرشد الطلابي غير المتخصص عن حلها، ومن ثمّ تؤثر على الطالب، وتنعكس آثارها السلبية على مستواه الدراسي والسلوكي في المدرسة، بما في ذلك تصرفاته مع المجتمع المحيط به. ومن هنا دور المعلم يمثل الدور البارز في التعرف على حالات الطلاب، واكتشاف المشاكل داخل المدرسة، لقربه من الطلاب قبل أن يدركها المرشد الطلابي، ولكنه لا يستطيع علاجها، وتنتهي مهمته في إيصالها للمرشد الطلابي، حيث تبدأ مهمته. لذا , المدير والمعلم مسؤولون عن حل المشاكل التربوية التي تواجه الطلاب في المدارس.. أما فيما يتعلق بالمشاكل النفسية التي تواجه الطلاب فالمسؤول عنها هم المتخصصون في مجال علم النفس والخدمة الاجتماعية من المرشدين الطلابيين. ان المرشد الطلابي يقوم بجهد جبار في تعديل سلوكيات وتصرفات الطلاب التي يخرج بعضها عن منهاج الطريق الصحيح. و لكل مرشد أسلوبه الخاص والمختلف عن بقية المعلمين في إعادة الثقة للطالب وزرع الشخصية الإيجابية في نفسه، وتحويله من عضو غير فعال إلى عضو صالح في مدرسته، ولذلك فإن المرشد المتخصص المؤهل سيكون دوره كبيرا، وسيسهم في تهيئة الجو النفسي للطالب وتحفيزه، والمساهمة في تطوير قدراته.و بحكم الدور الذي يتصدى له المرشد تجاه الطلاب فيجب على وزارة التربية والتعليم تعزيز دور المرشد بدورات تخصصية، وخبرات في مجال عمله، ليكون عونا للإدارة في معالجة مشكلات الطلاب السلوكية النفسية.. وغيرها. نتمنى ان تتنافس المدارس في بلدنا الحبيب بعملية التغيير الشامل، وان تمتلك عدداً من الخصائص، وتعرض خدمات متنوعة، وبرامج لم يتم التطرق إليها في السابق مثل (برامج للطلبة الموهوبين، والتعاون الحثيث مع المجتمع المحلي، وتبني برامج لامنهجية ، واجتماعية، وخيرية، وتطوعية، متنوعة).