لا ادري كيف كنا \"عايشين\" في السابق من دون \"الخلويات\" ، وكيف كنا نقضي اعمالنا ومصالحنا دون هذا الاختراع المذهل .
دائما ما اكرر عبارة \" والله هالخلوي نعمة \" ومن باب التغيير أقول أحيانا \"يسعد اللي صنعه\" ، وادعي له ولأهله بالسلامة وطولة العمر ، لما يلعبه هذا الجهاز من دور مهم وحساس في تقريب المسافات والتوصل للشخص المراد اينما كان وفي اي بقعة من بقاع الأرض .
لكني بصراحة أحيانا ، \" ألعن ابو اليوم اللي صنعوا فيه الخلويات \" اذ انه أصبح ضرة راحتي وسكينتي وهداة بالي ، والعثرة التي تقف في طريق محاولات خلوتي وانقطاعي عن العالم الخارجي فيما لو اردت الخلود مع نفسي ليوم من الايام او حتى لبضع الوقت .
أتمنى يوما ان لا يرن فيه هاتفي ، وان كنت اعلم في قرارة نفسي ان هذا الأمر اشبه بالمستحيل ، فان لم يكن اتصال ورنين عمل فلابد ان يكون من الاهل او الاصدقاء والمعارف ، وان لم يكن من ايا منهم ، فسيرن حتى لو كان المتصل \"غلطان في النمرة \" .
قد يشير علي البعض باغلاقه ، ولا انكر باني قد فكرت في ذلك ، ولكني عدت وطردت هذه الفكرة الجنونية من مخيلتي ، خاصة عندما تذكرت انه في آخر مرة اغلقت فيها هاتفي - وعلى غير العادة – \" قامت الدنيا وقعدت \" بالمختصر أصبحت هناك حالة \" طوارئ \" ، وقد ضرب الحظ دوره ذلك اليوم بان ما بقي احد الا واتصل بي يومها فوجد الهاتف مغلق ، - على خلاف العادة – فأشغلت الناس واحدثت الاضطرابات ، البعض ممن اتصل بي يومها ، قام بالاتصال باهلي وباخواني وجيراني والاتصال على الهاتف الارضي ، ومنهم من حضر شخصيا الي : الجميع كان يسأل : \" شو صارلك ، انت منيح صارلك اشي \" \" ليش مسكر تلفونك \" \" خوفتنا عليك قلنا ابصر شو صارلك \" . أشكالهم وتعبيراتهم تدل على انهم تخيلوا \" كارثة او مصيبة اصابتني \" ، لذا وحتى لا افاول على حالي طردت هذه الفكرة نهائيا وعدت لأفكر بوسيلة اخرى .
فكرت ايضا بتحويل الهاتف الى \" صامت \" وامتنع عن الرد ، لكني سرعان ما طردت هذه الفكرة ايضا ، فالبعض سيقول \" شوف شوف ما برد علينا هذا مصدق حاله انه محامي \" ، فيما سيقول البعض الآخر \" كبار يا عمي ما برد هاظ كيف لو صار وزير \" البعض الآخر سيظن باني \" زعلان منه وما بدي أرد عليه\" فيسارع بارسال رسالة \" ليش ما بترد زعلان منا ؟ \" .
اجلس حزينا بمحاولاتي الفاشلة للحظي بيوم راحة وهادئ مع نفسي خالي من الحديث بكافة اشكاله \" اللي بطعم واللي بلا طعم \" ، انظر الى هاتفي اتأمله ، اجحره احيانا ، لا اجد تعبيرا لما في قلبي من ضيق سوى عبارة واحدة
\" ملعون ابو اللي صنعك \" .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com