بعد أن رحلت إلى مدينة اربد قررت عمل عزومة جماعية لصلة الأرحام في هذا الشهر الفضيل وعزومة كهذه تحتاج همة بدنية ومادية فكان لابد لي ا ن اصحوا مبكرا لإحضار مستلزمات العزومة من ا لألف إلى أليا أما زوجتي فقد قامت من النجمة كما يقولون لأن مهمتها أصعب واخطر بكثير من مهمتي لماذا ... ؟ لأن العزومة التي يحضرها النساء تختلف اختلافا كليا عن عزائم الرجال الذين يأتون من أجل الإفطار فقط أما النساء فا مجرد أن دخلنا بيتنا حتى قسموا أنفسهم إلى ثلاثة فرق تشبه الفرق الدولية للكشف عن اليورانيوم والقنابل المحضوره دوليا أما الفريق الأول فقد انطلق في جميع أركان البيت من غرف نوم وحمامات وصالة وغرفة ضيوف ( كل خزق ) لقياس درجة النظافة العامة والفريق الثاني توجه للمطبخ لمعاينة الطعام من حيث النظافة وجودة أللحمه ( بلدي ولا كلاب ) نوعية الفاكهة والخضار.....الكميات .... الأسعار ......مكان الشراء , الفريق الثالث انطلق يفتش اطفالي من حيث النظافة .....الترتيب ... الأظافر .... رائحة العرق .... والصحة العامة ثم أطلقة عبارات جانبية ذات مغزى عميق لايفهمه إلا النساء اما الرجال سلامتك والمشمش مثلا ( والله الأولاد وجوهم صفر , عيونهم غايره برؤوسهم ....., ذاليين ... منكسرين ..... خاطرهم مش طيب .... لو ضلوا في القرية أحسن لهم..... وعبارات أخرى كثيرة اما زوجتي فقد كانت ترافق كل فريق على حده وتستمع لتوجيهات وإرشادات رئيس الفريق وتكتفي بكلمات قصيرة ( حاضر ... ماشي ... على راسي ..... انشاءالله ) انتهت المراسم وانتهى الإفطار وغادر الجميع وحصلت زوجتي على تقدير مقبول مع إجراء بعض التعديلات ونتيجة مقبول تعادل امتياز في الجامعات الحكومية والخاصة التي تقبل بالواسطة والمحسوبية .
لم يبقى احد من الضيوف إلا نسيبي الذي قرر المبيت عندي وعند صلاة الفجر ذهبنا معا إلى المسجد المجاور وما أن وصلنا الشارع القريب من المسجد حتى وجدنا صبية لم يتجاوز عمرها الرابعة عشر ووالده الأربعيني ثم تقدمت الصبية بخطوات خجلا وأيدي مرتجفة وبقي الأب يراقب المارة حتى وصلت الفتاة إلى حاوية القمامة تفتش الأكياس علها تجد بعض قطع الخبز وبقايا الطعام لتعود بها إلى أسرتها الجوعا التي باتت تلك الليلة وليالي خلت دون طعام بينما عائلات الحي أكلت حتى التخمة وأسرفت بالطبخ حتى البذخ ولم تنتبه أن هناك اسر لاتجد الطعام ... يالله .... يالله .... أحقا ما أرى أفي شهر رمضان شهر الخير تجوع الأسر وتبكي الأطفال لاتجد لقمت خبز في بيوتها ... أين التكافل الاجتماعي .... اما كان الأجدر بفريق التفتيش الدولي الذي زارني على الإفطار وفتش ونبش في بيتي أن يفتش وينبش في كل الحارات والأزقة ليكتشف العائلات الفقيرة ليحسب حسابها من موائدنا جميعا في رمضان وغير رمضان اما سمعنا حديث الهادي وسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم والله لايؤمن والله لايؤمن قيل من يا رسول الله قال من بات شبعان وجاره جوعان فأين نحن من هذا الحديث يا أمة الإسلام .