أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الحكومة توافق على مذكَّرات تَّفاهم بين الأردن ودول اخرى بالتفاصيل .. اهم قرارات مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة اليوم الغاء إجراءات ترخيص المراكز الثَّقافيَّة من قبل وزارة التربية الحوثيون: استهدفنا مطار بن غوريون أثناء وصول نتنياهو جيش الإحتلال: سنستهدف من يحل محل نصر الله لافروف: إسرائيل لا ترغب بالسلام أولمرت : إسرائيل اغتالت عماد مغنية عام 2008 بايدن: نصر الله كان مسؤولا عن مقتل مئات الأمريكيين وزير الخارجية: نحمل إسرائيل المسؤولية عن التبعات الكارثية لعدوانها على لبنان روسيا: 13 قتيلا وجرحى بانفجار محطة وقود غوتيريش قلق "بشكل بالغ" إزاء تصعيد الأحداث في بيروت غانتس: اغتيال نصر الله حدث مفصلي الصفدي يلتقي وزيرة الخارجية السلوفينية والا : جيش الاحتلال يفرض حصارا عسكريا على لبنان القسام: استهدفنا دبابة ميركافا إسرائيلية شرق رفح 11شهيدا حصيلة الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية أمس مستو : مسارات طيران بديلة للأردن طقس العرب: . تقلبات جوية قادمة تستوجب ملابس أكثر دفئا ومخاطر (الرشح والإنفلونزا) مرتفعة أوستن: ندعم بالكامل حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها خامنئي: دماء الشهيد حسن نصر الله لن تذهب هدرا
الصفحة الرئيسية عربي و دولي الطفل المذبوح رقم خمسين: هكذا جرت مجزرة الحولة

"منذ سنة نذبح وأنتم لم تملكوا أن تفعلوا شيئا لوقف الذبح"

الطفل المذبوح رقم خمسين: هكذا جرت مجزرة الحولة

15-08-2012 01:49 PM

زاد الاردن الاخباري -

أنا الطفل الذي حمل الرقم خمسين في الخبر الذي تتناقلونه منذ ليلة أمس.

ليس لدي الكثير لأقوله لكم..

بل لدي شيء واحد. لكن نسيت ما هو..

حدث كل شيء بسرعة. بعدما خف القصف الذي كان بدأ منذ الصباح. كسروا الباب. دخلوا وأخذونا، جمعونا بسرعة، فصلونا عن أمي، كنت أنا وإخوتي الثلاثة، وكانت شقيقتي في حضن أمي، كانت مريضة منذ يومين.

انتزعوها بقوة. صرخت أمي. سمعت بعدها الشبيح يسبها لأمي ويضربها. كان آخر ما سمعته منها هو صراخها. كانت تقول.. أولادي.

لم يكن أبي موجودا معها. لم يكن موجودا في أي مكان نعرفه. أخذوه قبل أسبوع من على الحاجز.

ولم نره من يومها. لم نسمع عنه شيئا.

ليس لدي الكثير لأقوله لكم عمّا حدث أمس.. فقط شيء واحد.

ألقوا بنا في سيارة كبيرة فيها أطفال في مثل سني. كانوا يبكون. كان بعضهم رضعا. وكان صراخهم عاليا جدا.

كان السائق يسبهم ويكفر.

وقفت السيارة أمام منزل في طرف القرية. عند الساحة التي كنا نلعب "الطابة" فيها. فتح الباب وقال لنا انزلوا وهو يسبنا أيضا. كان كل من ينزل منا يتلقى ضربة. وكان يقول مسبات كبيرة. بعضها أعرفها وكانت أمي تحذرني من قولها. وبعضها لم أفهمها. لكن فهمت إنها مسبات "كبار".

ليس لدي الكثير لأقوله لكم..

ضربني الشبيح على ظهري عندما نزلت من السيارة. كنت أحمل شقيقتي. وقعت أرضا ووقعت شقيقتي. ضحك الشبيح وقال لي إني سني غبي.

عندما دخلنا المنزل، كان هناك الكثير من الأطفال. معظمهم كان مقيد اليدين. كان بعضهم يبكي. لكن ليس كثيرا. الرضع فقط كانوا يبكون.

كان هناك شبيحة آخرون. قال واحد منهم أن الحبال خلصت. رد عليه الآخر وقال "هلق نذبح كم واحد منهم ونستعمل مصاريهم". ضحكوا جميعا. وبكت أختي بصوت عال.

تركونا قليلا. قالت لي أختي ماذا سيفعلون بنا. كنت أعرف. لكني قلت لها لا أعرف. أظن أنها كانت تعرف أيضا. بكت وقال أريد أمي. بكى أخي الآخر وقال إنه يريد أبي. فكرت أننا ربما سنراه بعد قليل.

ليس لدي الكثير لأقوله لكم.

كل شيء حدث بسرعة. الغرفة مزدحمة والبعض يبكي ويريد أمه. دخل شبيح جديد للغرفة. كانت رائحته نتنة أكثر من الباقين. كبر بالكلام وسبنا أيضا. كنت أعرفه. كان ابنه معي في المدرسة. وكنا نلعب الطابة أحيانا في الساحة المجاورة.

كان يحمل سكينا في حزامه. أخرجها من مكانها. تعالى صوت البكاء. وتعالى ضحك الشبيحة.

قال هو، إنه لم يشتم رائحة الدم منذ ثلاثة أيام. وإنه اشتاق له.

رد عليه الآخر وهو يضحك، "امبارح" ذبحنا الثلاثة الذين أخذناهم من على الحاجز، نسيت؟

رد عليه: نعم، امبارح يبدو بعيدا، وكفر أيضا..

تقدم خطوة والسكين بيده، تراجع الجميع وتعالى الصراخ، قال وهو يضحك، بمن سنبدأ يا حلوين؟ من سيكون الفطيسة الأولى؟ توقعت أن يصرخ الجميع. أن يزيد البكاء. لكن العكس حدث. عم الهدوء. كما لو كان الكل يريد "أن يخلص".

تقدم الشبيح ذو الرائحة النتنة من فتاة شقراء الظفيرة. كانت ترتعد. أمسكها من شعرها. قال لها: كنت أريد أن "..."-مسبة كبيرة، ولكن ذبحك ليس أقل متعة.

كانت ترتعد، أخذت تقول "الله يخليك عمو"..." الله يخليلك ولادك".. أما هو فقد قال لها: الله يخليني؟ بدي أذبحك وأذبحه كمان...

وضع السكين على رقبتها، وبسرعة جزها، كانت لم تكمل بعد جملتها، كانت تقول "الله يخلـ.." ثم إذا به يرفع رأسها بين يديه...

شوح به أمام الجميع. حمله من الظفيرة وهو يقطر دما. كان جسدها على الأرض، والدماء تتدفق منه علينا جميعا.

على صوت البكاء. كانت هناك بنت صارت تبكي وتتشاهد بصوت عال. أمسكها أيضا وقال لها: "وهي مشان الشهادة" وضربها سريعا في حنجرتها.. ثم أخرج حنجرتها ورماها علينا..

لكن البنت ذكرتها بالشهادة، فصرنا نرددها جميعا. تذكرنا ما نسمعه دوما من أن من يقول الشهادة قبل أن يموت يكون في الجنة.. فأخذنا نقولها.. انزعج هو وصار يسرع في الذبح.. اختلط البكاء بصوت لاحظته أنه يصدر عنهم وهم يرتعشون بعد الذبح، بأصوات التشهد، بمسبات الكفر وضحكات الشبيحة..

رأيت سامر ابن خالي بين يدي الشبيح. لم أكن قد انتبهت لوجوده قبلها. كان سامر ساكنا على غير عادته، لكن عندما ذبحه، انتفض فجأة وأخذ يركض، كان رأسه متدليا تقريبا، لكنه ركض باتجاهي. كما لو كان يريد أن أنقذه. كان الدم يتدفق من رقبته مثل البربيش، وجدت الدم يغطي وجهي، تراجعت حتى صار الحائط خلفي أظنني كنت في الزاوية، لم أعد أرى شيئا لأن الدم صار يغطي عيني، لم أزله. فضلت أن لا أرى...

ليس لدي الكثير لأقوله لكم، لكني تذكرتكم جميعا في تلك اللحظة.. تذكرته ما قاله لي ابن عمتي عبدالرحمن، الذي التحق بالجيش الحر قبل شهر، كان عبدالرحمن يدرس في الجامعة، وكان لديه حاسوب في غرفته، وكان يسمح لي أحيانا أن ألعب ببعض الألعاب على حاسوبه، يوما ما أراني "موقعا" قال إنكم تدخلونه، نسيت اسمه، وقال إنكم، عندما يستشهد واحد منا، فإنكم تكتبون عنه في هذا الموقع.. سألته يومها إن كنتم مرضى أو معوقين أو على كرسي عجلة، فضحك وقال لي "تقريبا"..

تذكرتكم..

ليس لدي الكثير لأقوله لكم، ربما كلمة واحدة فقط، كانت على لساني ونسيتها..

بعدها لم أعد أرى. كنت في الزاوية واسمع فقط، كنت واثقا من أن شقيقتي ذبحت. سمعت صوتها وهي تنادي أمي. وتذكرت أمي.

سمعت صوت الشبيح يقول إنه يحتاج إلى سكين آخر لأن هذا السكين لم يعد حادا..

قال له الآخر: أحسن!.. يتألمون أكثر عند الذبح..

لا أذكر الكثير بعدها.. نفس الأصوات بقيت تتكرر.. صرت أميز صوت الدم وهو يتدفق.. كلما قل صوت البكاء كنت أدرك أن الدور قد أتى علي..

فجأة أدركت أنه قد اقترب مني، كانت رائحته ما تزال واضحة رغم رائحة الدم..

أمسك برقبتي..

تذكرت ما أريد أن أقوله لكم، في تلك اللحظة تذكرت.

أريد أن أقول لكم إني أبصق عليكم جميعا. جميعا. كلكم. منذ سنة نذبح وأنتم لم تملكوا أن تفعلوا شيئا لوقف الذبح. لعله لم يجد شيئا آخر يفعله. أو شيئا أفضل يكتبه..

وضع الشبيح القذر السكين على رقبتي..

وتشاهدت..


أحمد خيري العمري - الغد 





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع