منذ نعومة أظفارنا ومنذ كنا صغارا ندرج فوق مساحات الوطن تعلمنا وكبرنا ونحن على ثقة بأن هذا الوطن هو الأجمل وهو الأحلى وهو الأقرب إلى نفوسنا أجمعين ....فقد كانت كتبنا ومناهجنا ولا تزال زاخرة بالحديث عن مقدرات الأردن الجمالية والسياحية والقادرة على أن تجعل من بلدنا مقصدا سياحيا من الدرجة الأولى وأرضا تحفل بكافة المقومات السياحية المختلفة وعلى هذا نشأنا...
وبعد أن كبرنا وبدأنا باستيعاب الأمور بطريقة أكثر علمية وأكثر نضجا في تحليل الأمور ودراسة الأسباب وتعليلها توصلنا إلى أن الجانب الأول مما تعلمناه صادق وأمين.. فالأردن غني بمقومات السياحة وبمعطياتها ..فالموقع المتوسط والقريب من دول الجوار كافة ,والتنوع المناخي ضمن مساحته المتواضعة يضيف بعدا آخر على ذلك فمن نمط غوري حار صيفا ودافيء شتاء إلى شفا غوري على مسافة سير لا تزيد عن كيلومترات ثم لا تلبث أن تصل إلى مناخ جبلي رائع لتعود وتهبط نحو نمط صحراوي ممتد وهذا كله يمكن للسائح المرور به وملاحظتهضمن زمن لا يتعدى زمن تحتاجه لجلسة شرب كأس من الشاي أو فنجان قهوة. هذا التنوع الذي يرتبط وبصورة عضوية تنطق سحرا بالتنوع في مظاهر السطح وتشكيلاته المتفاوتة التكوين فمن أعمق نقطة على وجه البسيطة إلى سفوح وجبال شرقية تطل على وادي الاردن تقطعها شرايين الأودية الموسمية المتجهة نحو بحرها الميت والأشد ملوحة والحامل أسرار الشفاء لمرتاديه... ثم السهول الملاصقة للحافة الصحراوية شرقا والتي كانت ولا تزال سلة قمحنا و خبزنا الأردني الملوح بعرق جبين الفلاحين...أما ما يتعلق بالمقومات السياحية الأخرى فالأردن يزخر بالكثير منها فالمواقع الأثرية والتاريخية بكافة أشكالها من دينية تتمثل بالمواقع المسيحية في منطقة مادبا حيث كنائسها المتعددةوالمغطس على ضفة نهر الاردن والمواقع الاسلامية من مقامات الصحابة بالأغوار إلى أهل الكهف وغيرها الكثير مما يعرفه الجميع.... إضافة إلى المواقع التاريخية حيثالأردن يعتبر لدى الكثير من الباحثين متحفا طبيعيا غنيا فالبتراء إحدى عجائب الدنيا وجرش وجبل القلعة والمدرج الروماني في عمان وأم الجمال والقلاع المتعددة في عجلون والكرك والشوبك والازرق والقصور الصحراوية المتناثرة فوق صحرائنا تشهد على ما كان مثل المشتى والحلابات وقصير عمرة وغيرها الكثير الكثير...أضف إلى ذلك مقومات السياحة العلاجية التي ينفرد بها الاردن في أكثر من موقع أنعم الله عليه بمياه حارة تتدفق من ثنايا الصخور البركانية التكوين ومن أهمها حمامات ماعين والشونة الشمالية وعفرا والبربيطة
إضافة إلى السياحةالصحراوية والتي يتميز بها وادي القمر وتشكيلاته المبهرة في رم ...هذا حقيقة بعض مما نملكه ومما تعلمناه ونعلمه لابناءنا.....
لكن السؤال الكبير ما هو موقعنا على خريطة السياحة العالمية والإقليمية؟؟؟ فهذه المعطيات التي ذكرت بعضا منها لم نشعر بانها قد شفعت لنا لنكون من المنافسين الحقيقيين على الساحة السياحية... لا عربيا ولا دوليا؟؟؟؟وهنا لا بد من الإشارة لاسباب ذلك والأسباب كثيرة وتحليلها ليس بالأحجية فجميعنا يتساءل لماذا تتضاعف أعداد الاردنيين الذين يغادرون ويجتازون حدود الوطن طلبا للسياحة والإستجمام خارجه تاركين خلفهم كل هذه الإمكانات التي نملك وذلك كما ذكر أحد التقارير التي صدرت اليوم؟؟؟؟ ونشعر بالمرارة والأسى لذلك فالسياحة الناجحة من أهم مقوماتها المكان والإنسان وما بينهما من إدارات وأشخاص مخططين لتفعيل العاملين الآخرين!! فالمكان زاخر بكل ما هو مطلوب لكن إستغلاله لم يرقى إلى المستوى المرتجى,و إنساننا الأردني لم يصل إلى مستوى السلوك السياحي المطلوب وللأسف وينقصه الكثير من ذلك وهنا ندخل في تحليل نفسي وموروث إجتماعي واسعين ؟؟؟؟ والمخططين لا ادري ما بهم فهم يخططون من برج عاجي متناسين واقعنا ورغبات المستهلك ومقدراته والحكومات المتعاقبة لا تعطي إلا النزر اليسير من موازناتها لصالح السياحة والمشاريع المتخمة ببرجوازيتها هي من نصيب شريحة صغيرة جدا من القادرين والمنتفعين ,,,,والسياحة الداخلية ومصالح الوطن والأردني البائس لا بواكي لهم !!!!ونتساءل لماذا يهرب الأردنيون إلى الخارج؟؟؟