مصطلح النمو الاقتصادي شائع جداً في الأدبيات الاقتصادية كما انه شائع جداً في أدبيات الصحافة الأردنية وبين كتاب الأعمدة الاقتصادية وبين كل أطياف المعادلة الاقتصادية في الأردن . النمو الاقتصادي حتى يكون مفيد للدولة يجب أن يكون أكبر من معدل نمو السكان فكما نعرف أن معدل النمو السكاني في الأردن يصل إلى 2.2% وعليه يجب أن يكون النمو الاقتصادي الحقيقي أكبر من ذلك ، حتى تكون عوائد التنمية مجزية ومؤثرة في المسيرة الاقتصادية في الدولة .
عندما يعمل الاقتصاد في حالة التشغيل الكامل أي الحالة التي تكون فيها عناصر الإنتاج والموارد الاقتصادية مستغلة بالكامل وغير معطلة ولا يوجد هدر فيها يكون معدل النمو الاقتصادي ، أقل من تلك الحالة التي تكون فيها الموارد الاقتصادية مستغلة بدرجة قليلة أو منخفضة ، لذلك ينظر إلى أن النمو الاقتصادي الذي قد يتحقق في الأردن بغض النظر عن النسبة التي سيصل إليها سوف يكون لها وقع أو أثر في الاقتصاد أكثر من ذلك المتحقق في الاقتصاد الأمريكي أو الياباني أو الصيني ذات المستويات التشغيلية المرتفعة .
فعندما يعمل الاقتصاد الأردني عند مستوى 60% من الطاقة الاستيعابية المتاحة في الاقتصاد، فإن إمكانيات النمو تصل إلى 40% وقد تزيد عنها ، أما عندما يعمل الاقتصاد عند مستوى 95% من الطاقة التشغيلية فهنا تكون إمكانيات النمو أقل من سابقتها ، ويصبح هناك ضغط على الموارد والحاجة للبحث عن موارد اقتصادية بديلة تدعم مسيرة النمو والاستمرار .
عندما يكون معدل البطالة في الأردن مثلاً 12.4% ، فإن النمو الاقتصادي الذي يتحقق عند المستويات المنخفضة من الطاقة الاستيعابية (كما هو الواقع الحالي) من المفترض أن يكون تأثيره واضح وكبير في تحقيق وخلق فرص العمل الإضافية ، وتعزيز نمو الاستثمارات ، وبالتالي كلما ارتفعت الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد انخفض تأثيرها النسبي على مجمل المتغيرات الاقتصادية الكلية كالبطالة والأسعار .
عندما يعمل الاقتصاد عند مستوى قليل من الطاقة الإنتاجية فإن أي زيادة في الطلب الكلي يمكن امتصاصها من خلال زيادة استغلال الطاقة الإنتاجية المتاحة وتوظيف المزيد من العمال وفتح المشاريع الإنتاجية وتحسين استغلال الموارد الاقتصادية ، ولكن أي زيادة في الطلب الكلي فوق مستوى التشغيل الكامل أو الأمثل عندها تعجز الموارد عن تلبيتها بسبب استغلالها بالكامل وخاصة عند عدم القدرة على إيجاد موارد بديلة بسرعة تلبي هذا الطلب .
هذا سينعكس في زيادة الطلب على العمالة الأكثر تدريباً أو تأهيلاً أو محاولة الحصول على العمالة الأجنبية ، وإيجاد مصادر بديلة للعمل ، وبالتالي يزداد التنافس على عنصر العمل المؤهل وهذا يعني ارتفاع أجور العمال إلى مستويات كبيرة جداً ، وكذلك ارتفاع المستوى العام للأسعار لامتصاص هذه الزيادة .
الاقتصاد الأردني يعاني من سوء استغلال في موارده الاقتصادية وربما يمكن القول أن الاقتصاد يعمل بأقل من نصف طاقته الإنتاجية وهذا يجعل أن هناك إمكانيات مرتفعة للنمو الاقتصادي وحسن تخصيص واستغلال الموارد المتاحة على قلتها .
الوفر المالي المتحقق وفقاً لخطة ترشيد النفقات التي أقرتها وزارة المالية من المفترض أن ينظر إلى دوره في زيادة أفق النمو الاقتصادي ومؤشراته المختلفة لأنها تزيد من حسن استغلال وتخصيص الموارد في الاتجاهات التي تخدم عملية النمو ، وذلك قبل النظر إلى أثر تلك الخطة على الجانب المالي ودورها في تخفيض عجز الموازنة العامة .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
جامعة الخرج
Nsour_2005@yahoo.com