بعد أن قامت حركة فتح منطلقة من مسؤوليتها القيادية والوطنية بالتوقيع على ورقة المصالحة الفلسطينية التي أعدتها مصر ، بعد مشاورات مضنية مع جميع الأفرقاء الفلسطينيين ، من بينهم حركتي فتح وحماس ، ما زالت حركة حماس وحتى اليوم ممتنعة عن التوقيع عليها متذرعة بالكثير من الحجج ، ومستغلة الفرصة تلو الفرصة للتهرب من هذا الإستحقاق الوطني الذي سيفضي للوحدة الفلسطينية وتمتين النسيج الوطني ، بما يجعل الفلسطيني قادرا على مواجهة التحدي والصلف الصهيوني ، ومحاولات الإستيلاء على الأراضي لتوسعة وتكثير وتسمين المستوطنات ، ومحاولات تهويد القدس وشعبها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وأهمها المسجد الأقصى .
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنّ حركة حماس تتهرب من المصالحة الفلسطينية نزولا عند رغبة داعميها ، وخاصة الإقليمي منهم الذي يرى باستمرار التوتر والخلاف الداخلي الفلسطيني مانعا طبيعيا أمام الرغبة الدولية بحل القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية والدولية ، وعلى أساس تمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، لخوفه من تفرغ العالم لقضاياه ومشاكله معه ، مع اليقين أنه يصارع العالم الغربي وكل من أمريكا وإسرائيل ليس من أجل فلسطين وحريتها واستقلالها ، كما يخدع ويوهم الأطفال والمتطفلين السياسيين بأنه معهم لتحريرها ، مع ثبوت أنّ كل المزاودين على موقف ودم الشعب الفلسطيني لم يبذلوا أي جهد مقرون بالتخطيط وبالأفعال لتحقيق ذلك ، أو عملهم لتحرير اراضيهم وقراراتهم المحتلة والمصادرة ، بل لأقناع أعداء العرب وفلسطين من خلال شِق وجهه الآخر البشع أنه مؤهل من المهد وأسنان الحليب حتى اللحد لإدارة المنطقة بالنيابة عنهم ، والإثبات لهم عمليا وفعليا أنه الأكثر إخلاصا والأوفى لهم من إسرائيل .
كما أن حركة حماس التي تود توقيع المصالحة خوفا من محاسبة الشعب الفلسطيني لها بسبب ارتكابها لجرائم كثيرة بحقه وبحق قيادته وبحق قضيته وثورته ، تخاف التوقيع والذهاب للمصالحة لذات الأسباب ، مع أن شعبنا الفلسطيني هو الأقدر من بين الشعوب العربية والعالمية على تجاوز مصائبه ولملمة مشاكلة وتضميد جراحه ، ومسامحة من أخطأوا بحقه خاصة إذا ثبت له صدق توبتهم ، وإخلاصهم الجديد لحقوقه وثوابته .
وحتى تكون حركة حماس مؤهلة لتوقيع المصالحة إذا تخلت عن لجامها الإقليمي وهو الذي ما زال حتى اليوم بحكم المستحيل ، وبعد تخليها عن أهداف رعاتها العرب والإقليميين ، وبعد أن تنتصر لشعبها بعد أن تتخلى عن عجهيتها ، أن تبادر لتصحيح مواقفها الوطنية التي تخلت عنها بمحض إرادتها أو بالضغط من داعميها ، كما وعليها تصحيح علاقتها بكافة الأطر الفلسطينية الثورية وعلى رأسها بحركة فتح ، خاصة بعد أن منعت المقاومة فعليا وألحقت الأذى الإجتماعي والسياسي بالمقاومين بعد أن كفرتهم ووصفتهم بالخونة أعداء شعب غزة ، وبعد أن أنهت الحياة الإنسانية للعديدين منهم بجرة قلم ، أو بشطحة أسطل أفتى بجواز قتلهم ، فحكمت على الكثيرين منهم بالإعدام بعد تخوينهم .
كما أنه ولتصويب موقفها الوطني عليها التخلي عن مشروعها للحكم والتحكم في غزة ، والعودة لحضن الشرعية الفلسطينية الحامي لها والحاني عليها ، وأن تكف عن تنفيذ الأجندة الإسرائيلية الناهشة للجسد الفلسطيني ولجسم القيادة الفلسطينية ، وأن تعتذر لشعبها وقيادته عن جرائمها الكثيرة بحقه وبحق قادته وقضيته ، فهم أولى بالاعتذار من ذلك الذي قدم لإسرائيل قبل عدة أشهر ، لأنّ شهداء فلسطين أطهر وأشرف من قتلاها ، وأن تثبت لشعبنا أنها تتحدى الإرادة الإسرائيلية والإيرانية ، وإرادة اللاعبين بالنار البائعين أنفسهم للهوى منذ 1982م ، كل هذه القوى المتعاونة التي تمنعها من اللقاء والمصالحة مع شعبها وقيادته .
فاليوم وقبيل القمة العربية وبعد انتهاء أعمالها ، نقول لحماس العزيزة على قلوبنا لما كانت مقاومة ، أن أمامك فرصة تاريخية وذهبية للنوم هانئة قريرة العين بحضن شعبك ، وللعمل العلني والمباشر دون خوف من دعاء المظلوم الذي هو أقوى من طلقاتك وسياط أجهزتك الأمنية ، فإيران بعد أن أثبتت جهارا نهارا واعترافا أنها تحارب العرب والمسمين في العراق وأفغانستان اللذي هم شركاء في الدم والعقيدة ، لا يمكن لها أن تنصرك وتناصرك إلا إذا كانت متأكدة من برنامجك وتحولك المذهبي ، فلتثبتي لها ولنا وللمليار مسلم اللذين سحبتي منهم للنار بعد أن زينت لهم المذهب والتشيع وكأنهم لب وجوهر المقاومة ، فلتثبتي رغم الجراح وهول المصيبة أنّ القدس عربية ، وهي بأهميتها كالخليج العربي الذي منعتك إيران ونجادها ومرشدها من ترديد إسمه كعربي ، تحت طائلة حجب الدعم ورفع الغطاء عنكم إن لم تسميه بالفارسي وقد حصل ، والجزرة مقابلها وعد بتمكينك من الضفة بعد أن مُكّنت من غزة ، ولتثبتي لها ولمن أفتى بضرورة هدم الكعبة من أأمتها المستنسخين من المجرم الضال أبره الأشرم ، أنّ مكة التي هي محج المؤمنين المسلمين ومحج شعب فلسطين وقيادتها وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني المؤمن الموحد محمود عباس ( أبو مازن ) هي محجك ، وأنّ الذي ببكة هو قبلة كل المسلمين وهو قبلتك ، لا مشهد وقم والمراقد فيهما التي يحج إليها بعض قادتك الدمشقيين طلبا للصفح والنصح والمشورة والمغفرة ، ويأموها لتلقى الأوامر الإلاهية من اللات الجديد بابا حماس الجديد المرشد الأعلى ومن نجاد العُزة ومناة الأخرى ، والتي تعيد إلى الأذهان أوامر البابا الكنسية وصكوك الغفران المعطاة منه لأقزام أوروبا بقرون التخلف الماضية .
واليوم يا حماس ، لأجل القدس التي يحاول اليهود تهويدها ، فاكتفيت لنصرتها بالمهرجانات الخطابية المعنونة بشتم فلسطين شعبها ، والمحددة بساعة أو ساعتين فقط لألهاء الشعب وامتصاص ثورته وغضبه ، وألوانها التي تعلوا الهامات هي الأعلام الخضراء لنبذك علم فلسطين الوطني بمعانيه السامية وقدسيته الوطنية ، وزبدتها لمنع المقاومين الحقيقيين في غزة من إطلاق ولو صاروخ واحد لإخافة إسرائيل بعد وصم وطنيتهم بالخيانة الوطنية ، ورحم الله الوصف السابق لها بالعبثية بمعنى عدم وصولها للقوة التأثيرية الرادعة دون وصول الوصف للخيانية ، وهدفها مطالبة شعب غزة بالهدوء والخلود للسبات والراحة حفاظا على حكمك الورقي المحروس بالدم وبالرصاص المسكوب والمنصهر فوق رؤوس معارضيك ، مذكرة بحكم الأسر الفلسطينية الإقطاعية التي أنهت ثورة 36 بدعوتها الفلسطينيين للهدوء والاتزان والراحة بعد أن كادت تنجح بتنظيف فلسطين من المستوطنات ( الكُبانيات ) وتطيح بالحلم اليهودي .
وكما هي الحقائق لا بد لها من مفاجاءت ، فقد كانت المفاجأة مطالبتك شعب الضفة ليعلنها إنتفاضة ثالثة عارمة ، ولكن ولأنك استثنيت غزة فهو يعلم وعلى يقين أن هذه الدعوة ليست لنصرة القدس وتحرير الضفة من الإحتلال ، مع دعوتك الدائمة لتحريرها من الكفار الفتحاويين ، فدعوتك لشعب الضفة لأعلان الإنتفاضة كان سيثق بأهدافها ويصدق البكائين عليه وعلى قدسه وأقصاه ، لولم تكن السيوف تشحذ بين أيديهم بانتظار دخولها ليريقوا دم أهلها كما فُعل بشعب غزة ، كما كان سيصدقها أكثر لو أعلنتي الإنتفاضة في غزة زائد الضفة ، إلا أنّ الشعب الفلسطيني الذي خبر الأيام وحكاياتها وعاش الظلام وسطوته ، والظلم وأسلحته عرف أن دعوتك له للإنتفاضة دون إخوته في غزة جاءت تلبية لأوامر عليا صادرة من ولاية الفقيه ، ولتنفيذ تفاهمات وأجندات خبيثة متفق عليها مع كل أعداء فلسطين ، والتي تهدف لإفساح المجال أمام الدبابات الإسرائيلية المتأهبة لإسقط السلطة الوطنية الفلسطينية وتسليمها إليك على طبق من ذهب ، بعد أن يدخلها الفاتحين من قادتك على ظهور الخيل ــ عفوا على ظهور الدبابات الإسرائيلية ــ .
أما وقد لاح بالأفق بريق من نور وبصيص أمل على أمكانية توقيع حماس على ورقة المصالحة واستعدادها للتضحية بأوامر ومال داعميها من أجل القدس وفلسطين ، فأن المنطقي أن يرحب الشعب بها ويتجاوز مآسيها ويمسح برك الدماء التي صنعتها في غزة ويملأها بالورود والرياحين وسنابل القمح ، من أجل شعب غزة ومن أجل إعمار غزة ومن أجل الدفاع عن القدس والأقصى ، ومن أجل الأمل الفلسطيني بالخلاص من الطغيان والإرهاب الإسرائيلي ، ومن أجل الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس ، الحق الطبيعي لشعب فلسطين صاحب الأرض والوطن .
ومين عارف حلم فلسطيني آخر ممكن أن يتحقق !!!
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com