كل الدلائل والعلامات تشير أن وجود الأمة الإسلامية العربية الحالية مجرد رسم على خارطة العالم ولا موقع فعليا لها بين الدول الأخرى ,ربما كان لها فيما مضى من الزمن وجود وتاريخ ولكنها تلاشت وستتلاشى أكثر حتى تصبح نسيا منسيا ليس فقط من الحضارات الأخرى ولكن من أبناء جلدتها العرب أنفسهم.
فأسلوب التجهيل والتقليد الذي تنتهجه حكوماتنا العربية في كافة الوسائل سواء التعليمية أو الاجتماعية أو غيرها من المقومات التي تقوم عليها أي دولة كلها كفيلة بالتأكيد على أن لا وجود لأمة عربية إسلامية ولكنها أصبحت مستنسخة طبق الأصل لمخطط رُسِم لها بتأليف وسيناريو إسرائيلي صهيوني وإخراج وتنفيذ أمريكي , وإنتاج وتمثيل عربي , فما كان مجرد تخطيط على ورق منذ الأزل لبني يهود صهيون\" من الفرات إلى النيل\" أصبح حقيقيا ويطبق على ارض الواقع بلا حسيب أو رقيب وكأنها تملك العالم وهم أقلية لا يتجاوزون بضع ملايين , فتحول التأليف وبعد التنقيح إلى سيناريو مبدع يُذْهِلُ كل من في العالم , فهذه الأقلية تستحق وبكل جدارة العلو والرفعة والسيطرة والتصفيق الحاد فقد وضعت هدفا نُصْبَ عينيها وعملت على تحقيقه بكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة ومهما كان الثمن حتى لو كان الدوس على من يعترضها ضاربة بعرض الحائط أي قرار أو معاهدة فكل هذا مجرد حبر على ورق ولا تطبيق لمثل تلك النظريات فهي بمنظورها ومنظورنا فوق القانون.
وبهذا تستحق التباهي بالقول والفعل أمام من يعارضها أو يوافقها محققة مفهوم \" مرآتي..مرآتي من أظلم مني\"
ويأتي الجواب وبلا تردد \"إسرائيل بلا منازع\".
أما أمريكا المُخْرِج العبقري المُنَفّذْ لتلك المخططات والموزع الحصري للأدوار في الشرق الأوسط والعالم ككل فلم تتوانى عن فعل أي شيء للوصول إلى مرحلة الإخراج الدقيق الفني بكل المعايير الإعلامية والسياسية وبأكبر تكلفة ومؤثرات صوتية وضوئية فهي تستحق بهذا التصفيق طويلا وانحناء الرؤوس لها من البلدان كافة والعربية خاصة فنحن نتفاخر فيما بيننا بحضور المسرحيات والحفلات وخاصة ما تكون إنتاج \"هوليوود\" لتحقيق اكبر إيرادات لشباك الحضور وما أكثر من يحضر هذه المهزلة الكوميدية السياسية ومعظمهم منا نحن العرب الأكثرية \"مليار ونصف\" العربي المسلم ويا للأسف \"كغثاء السيل\",ولكن لا نستطيع إنكار المجهود الكبير الذي تبذله أمريكا وأعوانها لتحقيق الحلم الصهيوني الإسرائيلي ووضعه على ارض الواقع شكلا ومضمونا بلا الأخذ بأي اعتبار وأي اعتبار ستأخذه أو تراعيه ما دامت العروبة موءودة والإسلام فينا غريبا ولا حياة فيمن تنادي.
أما الطرف الثالث البطل العربي المسلم فهو المنتج لأحداث هذه المهزلة الصهيونية والممثل الرئيسي له فمن ثروات بلادنا ومُقَدّراتنا نقوم بالتمويل ونحن لا ندري , ونُخْرِج الأموال بطيب نفس وفوقها ابتسامة ومصافحة ومؤتمرات وصحافة وإعلام , وكل هذا يذهب كذر التراب لإسكات صوت الحق والدفع لتلك الجهات المعادية والتسليح لها بأسلوب غير مباشر والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات فنحن الأمة التي تراعي القانون وما يصدر من قرارات ننفذها بحذافيرها كيف لا ونحن أمة الإسلام ولكن للأسف هذا الإسلام لا نطبق منه إلا اللمم فنأخذ الظاهر منه ونتخلى عن جوهره ,ومن أعظم منا تمثيلا فكل مقومات الممثل الناجح نمتلكها ولله الحمد من تقليد ومحاكاة وتَلَوّن كل حسب دوره وموقعه.
السؤال ما الفرق بيننا وبين غيرنا من الدول المتقدمة الغنية أهي بِقِدَم التاريخ أم بالموارد الطبيعية والثروات ؟
الجواب بالتأكيد ليس بالتاريخ أو بالموارد فهذه مصر والهند وغيرها من البلدان التي لها تاريخ قديم الذي يفوق 2000 عام ولكنها تعد من البلدان الفقيرة من العالم الثالث , وعلى العكس منها نجد كندا واستراليا ونيوزيلندا لم تكن موجودة قبل 150 عام وبالرغم من هذا فهي دول متطورة وغنية , واليابان نجد أن معظم أراضيها 80% منها جبال غير صالحة للزراعة أو لتربية الماشية ولكنها ثاني أقوى اقتصاد في العالم فهي عبارة عن مصنع كبير عائم من المواد الخام لإنتاج مواد مصنعة يصدرها لكافة أقطار العالم , وسويسرا بالرغم من عدم زراعتها للكاكاو نجد أنها تنتج أفضل شوكولاته بالعالم ومساحتها الصغيرة لا تسمح لها بالزراعة أو تربية الماشية لأكثر من 4 أشهر بالعام إلا أنها تنتج أهم منتجات الحليب وأغزرها, وبالرغم من صغرها أيضا ولكن صورة الأمن والنظام والعمل التي تعكسها جعلها أقوى خزنة في العالم.
فلا اللون ولا العِرق لهما التأثير, فالمهاجرون كسالى في أوطانهم ولكنهم القوة المنتجة بالبلاد المُهاجَر إليها, فما الفرق إذا...؟ السلوك الناتج عن التربية والثقافة والأخذ بمبادئ أهمها :
الأخلاق , الاستقامة , المسؤولية , احترام القانون والنظام , حب العمل , الاستثمار والادخار , والسعي للتفوق .
لو طبقت هذه المبادئ في مجتمعاتنا, ولو كان هناك نقص بالموارد أو كون الطبيعة من حولنا قاسية لما صُنّفْنا من الدول الفقيرة ومن دول العالم الثالث فنحن فقراء بسبب عيب في السلوك وعجزنا عن التأقلم وتعلم المبادئ الأساسية التي مرجعها إلى ديننا العظيم الذي هجرناه وأصبح هامشا في حياتنا ونحن نركض وراء حضارات متقدمة لمحاولة تقليدها متناسيين أن معظم علومها وتقدمها بإتباعها للأنظمة المختلفة الموجودة بإسلامنا وقرآننا , مطبقين المثل القائل \" وين أذنك يا جحا\" .
الحال الذي نعيشه والأخلاقيات التي نسلكها لا تبشر بخير وكل منا نحن العرب ينتظر الهبّة والفَزْعة من الآخر, لعل وعسى أن يكون النجاح والنصر حليفنا , مرة أخرى متناسين أن النصر لا يأتي من التسوّل والتوسّل , ولا من التغوّل والتوغّل ولا من التمني والتجني, ولكنه يأتي بقلب سليم وذراع قوية فاعلة وفكر ثابت وعقل متجدد , وفوق كل هذا اليقين بان وعد الله حق فقد وعد وسيجيب الوعد ولكن بإخلاص النية والعمل قال تعالى \" وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7) سورة الإسراء.
فيا عرب ومسلمين الهبّة والفَزْعَة لدين الله وللحق وللأخلاق الحسنة والتعاون على البر والتقوى لنسمو فوق كل اعتبار ظالم تحقيقا لمصالح كثيرة أهمها رد الحقوق لأصحابها ونصرة وإغاثة المظلوم والعدل والرقي والتطور , حينها سيرفع العربي المسلم رأسه متوجها إلى العالم أجمع مخاطبا \" مرآتي.. مرآتي.. من أعدل مني وأحق أن يُتّبَع \" ويكون الجواب بلا تردّد \" الله سبحانه وتعالى\".
Enass_natour@yahoo.com