زاد الاردن الاخباري -
كايد المجالي / الرأي - الصورة النمطية المتكونة دائما في الأذهان أن» زوجة الأب» هي العدو اللدود لأفراد الأسرة -سوى الأب- دون التفكير بأي شيء ممكن أن تقدمه فهي متهمة حتى تثبت براءتها .
و تعود تلك الاتهامات المسبقة إلى العديد من القصص المتداولة في مجتمعنا أن زوجة الأب مهمتها الأساسية تخريب البيوت و تشتيت الأطفال و الاستحواذ على اهتمام رب الأسرة , و ساهمت المسلسلات العربية التي تبث على شاشاتنا في تكوين تلك الصورة و بالتالي تعميم الصورة النمطية على فئة تعد من الفئات الآخذة بالانتشار في مجتمعنا حاليا .
تقول (سناء) -25 عاما- «كان أبي فلاحا بسيطا متزوجاً من امرأتين يقتسمان معا دارا واحدة, وفي هذه الدار نشأنا ونحن لا نعرف الفرق بين أمي (أم أحمد) وأمي (أم خالد)، رغم أن الأولى هي زوجة أبي فقد كنا ننادي الاثنتين باللقب نفسه .
و تضيف سناء « وبالنسبة لي أستطيع القول أن زوجة أبي لعبت في حياتي وتكويني الدور الأكبر, فأمي ماتت وعمري 5 سنوات وكنت أصغر إخواني جميعاً و نتيجة لصغر سني حظيت بالجانب الأكبر من الرعاية من زوجة والدي و لم أفتقد إلى حنان أمي المتوفاة إطلاقا فكانت (أم أحمد) أمي التي وعيت على حبها و حنانها «.
و من الممكن أن يكون هناك بعض من زوجات الآباء التي تضرب أسوأ الـمُثل، وفي المقابل فإن منهن من تضرب أروع المثل في العطف والحنان والعطاء، فلماذا ننظر دوماً إلى نصف الكوب الفارغ ؟، ولماذا أعمتنا أخطاء بعضهن عن عطايا بعضهن الآخر وتضحياتهن ؟.
أما (جمال) فأشار أن لزوجة والده الدور الكبير في استكمال مشواره التعليمي لتكون شهادة البكالوريوس في هندسة الكمبيوتر أقل ما يمكن أن يقدمه لها على حد قوله .
يقول جمال « توفيت والدتي قبل أن التحق بامتحان شهادة الثانوية العامة بسنة , و تركت وفاتها الأثر السلبي الكبير في حياتي , إلا أن فاجأنا والدي بقراره أن يقوم بالزواج من إحدى الأرامل في قريتنا مما زاد في معاناتي و باقي أفراد الأسرة».
و يضيف « و عند ملاحظة والدي للإحباط الذي أصبحت أعاني منه و بعد زواجه بعام طلب مني عدم الالتحاق بامتحان الثانوية العامة و العمل معه في صالون الحلاقة الذي يمتلكه , عندها أبدت زوجة والدي رفضها بشدة و أصرت أن أكمل دراستي في مقاومة شرسة لوالدي الذي لم يستطع أن يرفض حيال توسلات زوجة والدي له التي امتدت لحدوث بعض المناوشات لتقول « جمال لازم يكمل دراسته لو بشحد».
و يشير جمال أن فضل زوجة والده عليه لم تقتصر في ثني والده عن عمله في صالون الحلاقة بل كانت هي المشجع الأكبر له في أن يحصل على 94 % في امتحان الشهادة الثانوية العامة ليلتحق بإحدى الجامعات على حسابه الشخصي و الذي كانت زوجة والده الممول الأكبر لإكمال مسيرته التعليمية و ذلك من خلال عملها في المنزل في تطريز الأثواب و بعض المنسوجات الخفيفة .
و بنبرة يخالطها الندم تقول سناء ( وهو اسم وهمي اخترناه لها )» أنني أعيش حالة من الندم لا يستطيع أي أنسان مقاومتها حتى أنني قمت بمراجعة بعض الأطباء من اجل الخروج من الحالة التي أعيشها «.
و تتلخص قصة (سناء ) بزواج والدها من أحدى السيدات بعد وفاة والدتها و كان عمرها عندها 20 عاما إذ كانت أكبر أخوتها و تقول (ح) عن زوجة والدها « أفنت عمرها في تربيتي أنا وإخوتي الثمانية. كنا نسيء إليها فتحسن إلينا. نقاطعها فتودنا، وظلت هكذا ينبوعاً للحنان حتى ماتت في موقف بطولي لا أنساه أبداً «.
و تضيف «فقد دخلت المستشفى لإجراء عملية فاكتشف الأطباء أنني في حاجة إلى كلية من شخص آخر لأنني مصابة بفشل كلوي تام، ففوجئت بها تصر على أن تتبرع هي بكليتها، وكانت المفاجأة أن تدهورت حالتها الصحية، ولم تمر أيام إلا وانتقلت إلى جوار ربها، فأحسست بالذنب أكثر لأنني لم أجد الوقت للتكفير عن ذنوبي السابقة تجاهها , إلى أن قمت قبل عامين بأداء العمرة عنها نوعا من رد الجميل و تكفيرا عن ذنوبي «.
قصص واقعية تشير بكل موضوعية إلى الظلم الواقع على زوجة الأب بصفتها دخيلة على العائلة و لأنها من وجهة نظر الأبناء تريد أن تتبوأ مكانا لا يجب أن يكون لها و خصوصا عند وفاة الأم .
قصص من الممكن أن تنصف زوجات الأباء بعدم تعميم الحكم المسبق عليهن , فبعض الأبناء فتح عينيه على الدنيا وهو لا يعرف غير زوجة أبيه التي كان يظن لسنوات طويلة أنها أمه، ولم يشعر نحوها يوماً بإحساس غير إحساس البنوة، وبعضهم عاش تجربة الحياة في منزل تتقاسمه أسرتان لهما أب واحد ورغم ذلك لم تعرف هاتان «الضرتان» غير طريق الود والتعاون لتحافظا معاً على البيت والأطفال الذين تركهما زوجهما أمانة بين أيديهما .