منذ نجاح منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها المؤمنة بعدالة قضيتها والصادقة مع شعبها الوفي المعطاء ، بإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية كثمرة طيبة لسنوات الكفاح والنضال ، التي مارسها شعبنا الفلسطيني باقتدار ونجاح ، والتي جاءت كمقدمة لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، وشعبنا الفلسطيني يتعرض كما كل سنوات الماضي الأليم لأبشع هجمة عنصرية إسرائيلية إستيطانية ، بهدف إقتلاعه من أرضه وتجاوز حقوقه ، وللخلاص من قضيته ، ووسيلتها هذه الأيام الهجمات الإسرائيلية اليومية المسعورة ضد أبناء شعبنا بهدف قتلهم أو بحجة اعتقالهم التي يقوم بها الجيش والمستعربين الإسرائيليين ، والقرارات التعسفية اليومية ضد الشجر لإقتلاعه بهدف تحطيم الإقتصاد الفلسطيني ، وضد الحجر بتدمير البيوت الفلسطينية علامة وعنوان الصمود والبقاء الفلسطيني ، بهدف ترحيل وإبعاد الفلسطيني عن أرضه ووطنه ، والتي تقوم بها بلديات الإحتلال وعلى رأسها بلدية القدس العنصرية ، التي تستصدر يوميا العشرات من أوامر إخلاء أو هدم بيوت المقدسيين ، والإدارات المدنية والعسكرية الإسرائيلية التي تقوم يوميا بمصادرة الأراضي لتوسيع المستوطنات أو لأغراض عسكرية كما تدعي ، والهجمة الإستيطانية الشرسة التي يقوم بها المستوطنين اللذين أفلتت لهم إسرائيل العقال ، بهدف سلب الفلسطينيين حقوقهم وبيوتهم وسرقة إرثهم وتراثهم .
ولتحقيق أهداف إسرائيل الجديدة بالدولة اليهودية ، ولتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية التي تقف حاجزا وحائلا أمام تحقيقها ، ومحاولة تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته التي تمنع قيامها ، ازدات وتيرة التغولات الإسرائيلية والنشاطات الإستيطانية ضد شعبنا الفلسطيني ، بعد أن ضمنت إسرائيل إزاحة وتحييد غزة عن الصراع ، وبعد تيقنها من صلابة عود شعبنا وعدم تنازله عن حقوقه ، وقوة شكيمة قيادته وعدم استسلامها لشروطه ، وللخلاص من مسألة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية رغبة منها بتوحيدها كعاصمة أبدية لهم كما يأملون ، ولإحراج السلطة الوطنية الفلسطينية أمام شعبها كما يخططون ، وهي المحاولات التي لا شك فشلت نتيجة صبر ووعي شعبنا وإيمانه بعدالة قضيته ، والتفافه حول قيادته الشرعية ، حول راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما كان وتواجد والتي لا شك ستتحطم على صخرة الشعوب العربية والإسلامية الداعمة بكل قوتها لنضال شعبنا الفلسطيني .
وفي هذه الأيام الحالكات التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية وبعد أن عرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الموقف الإسرائيلي وبين للعالم حقيقة دولة إسرائيل العدوانية ، وأنه بعقلية قيادتها اليمينية المتطرفة لم تعد الشريك المأمول لصنع السلام العادل المشرف الذي يفتخر به التاريخ وتقبل به الأجيال القادمة ، بعد أن إختارت الإستيطان بدل السلام ، وبعد أن أظهر لشعبه الفلسطيني ومن وراءه كل الشعوب العربية الإسلامية والحرة أنه الرئيس الصادق الصدوق مع أمته وقضيته ، والحريص على مصير شعبه وعلى مصلحته الوطنية العليا وعلى قراره الوطني ليبقى حرا مستقلا ، وبأنه الثابت على مواقفه الوطنية والراسخ على حقوق شعبه ، زادت إسرائيل من حربها المجنونة ضد شعبنا الفلسطيني وقضيته ، بعد أن فقدت عقلها نتيجة مواقف الرباعية الإيجابية تجاه حقوقنا ودولتنا الفلسطينية التي أضحت حاجة دولية كما هي حقا ورغبة فلسطينية ، وبعد بروز تغيير بالموقف الأوروبي الذي أصبح بمجمله مؤيد للحقوق والثوابت ولإقامة الدولة الفلسطينية ، ولحقيقة أنّ القدس العربية عاصمة لها ، وبعد ظهور مؤشرات تغيير بالموقف الأمريكي لصالح القضية الفلسطينية وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، ونتيجة موقف الأمم المتحدة التي انتقلت بفعل الحراك الفلسطيني الذي قاده سيادة الرئيس من متفرج أو سلبي إلى مؤثر وإيجابي ، ونتيجة لموقف جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي المتطور ، المشارك والمدافع عن الحقوق الفلسطينية بوصف منظمة التحرير الفلسطينة هي من تشغل مقعد فلسطين متساوية بالحقوق والواجبات مع غيرها من الدول العربية والإسلامية .
ونتيجة لصمود شعبنا الفلسطيني أمام الإعتداءات والتغولات الإسرائيلية رغم هول وشدة وطول فترة المعاناة ، وحتى لا تفقد المخططات الإسرائيلية العدائية ضد الوجود والحق الفلسطيني زخمها ، بعد أن اقتنع كل العالم بحق الشعب الفلسطيني بأرضه وبوطنه وبقدسه وبمقدساته ، وحقه بدولة يعيش على ترابها بأمن وسلام وبأهليته لقيادتها ، ها هي القدس عاصمة دولة فلسطين الأسيرة الجريح ، معراج رسول الإسلام ، رسول المحبة والسلام ، ومقدساتها العربية الإسلامية والمسيحية تصرخ مستغيثة بأمتها مطالبة بتحريرها من الإسرائيليين المصممين على تدنيسها وتهويدها وسرقة إرثها وتراثها ، والعاملين بحقد وخبث على إزاحة المقدسيين عن بيوتهم بعد أن يصادرها المستوطنين أو يدمروها ، وها هو المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفيين ، والذي تشد له الرحال بعد الحرمين الشريفين المكي والمدني ، يتعرض كما كل القدس العربية لأعتى وأكبر موجة من موجات الإستيطان اليهودية التي تحاول هدمه وتهويد مكانه .
كم وكان من أخطر المحاولات الإسرائيلية الهادفة لسرقة المخزون والتراث والإرث الفلسطيني هو محاولتها سرقة قبة راحيل والمسجد الإبراهيمي والمسجد الأقصى والخرابات الفلسطينية القديمة التي تحاول أن تبني عليها كنس ، والتي كلها مبان وإرث عربي إسلامي ، ومحاولة إجبار العالم على الإعتراف بها وتسجيلها كإرث وممتلكات يهودية ، وهي الخطط التي لم يفلحوا بالوصول إليها بفضل صمود شعبنا ونضال قيادته .
أما ما يثلج صدورنا نحن الفلسطينيين رغم المعاناة والمحن ، هي مواقف كل الدول العربية الشقيقة التي نحن في خندق واحد معها ومواقف شعوبها الوطنية الحية المؤيدة والداعمة لحقه وحقوقه ونضاله ، والتي عارضت جميعها بشدة قرارات نتنياهو الإستيطانية ، وطالبته بوقف كل الإنشطة الإستيطانية وبعمليات تهويد القدس ، وتقدم كل أشكال الدعم وأسباب الصمود لشعبنا ، ومن أهم هذه المواقف المؤيدة والداعمة للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية وقضيته العادلة ، موقف الأردن الشقيق وعلى رأسها موقف جلالة الملك عبد الله الثاني رعاه الله وأبقاه سندا لفلسطين وشعبها العربي الحر الأبي ، وسندا ومدافعا عن القدس ومقدساتها وعن المقدسسين ، والذي يقرن أقواله دائما بالأفعال ، ويقدم كل الغالي والنفيس دفاعا عن القدس والمقدسات والأقصى وليبقيها ومعالمها عربية إسلامية .
كما وفي هذه الأيام بعد أن أفضى مؤتمر القمة العربي في ليبيا للكثر من القرارات والمواقف الشجاعة التي جعلت منه قمة فلسطين بإمتياز ، فهو يأمل ويطالب القادة العرب المخلصين لأمتهم والأوفياء لفلسطين دائما فرادى أو مجتمعين المزيد من الدعم للسلطة الوطنية ولمنظمة التحرير الفلسطينية ، من أجل المساهمة ببناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس ، للوقوف بقوة أمام الإعتداءات الإسرائيلية على شعبنا ، وهجمتها الشرسة ضد قدسنا ومقدساتنا العربية الإسلامية ، وتقديم كل الدعم المادي للفلسطينيين عامة وللمقدسيين بخاصة لتمكينهم من البقاء والمحافظة على بيوتهم وعقاراتهم ، وللمساعدة والمساهمة بتحقيق الوحدة بين جناحي الوطن والدفع نحو المصالحة الوطنية الفلسطينية عبر الأشقاء المصريين المخلصين لفلسطين ، والذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل اتمامها ، والتي تعمل الشرعية الفلسطينية بكل طاقتها لإنجاحها وتحقيقها بهدف تقوية وتمتين الصف والنسيج الوطني ، ويدفع جميع أحرار العرب والعالم بكل تفان وحب وإخلاص من أجل الوصول إليها .
إنّ شعبنا الفلسطيني المؤمن بدينه وبعدالة قضيته ، متأكد تماما من حتمية الإنتصار ، كما قال القائد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( نحن اليوم على يقين من حتمية الإنتصار ) ، فلا التغولات الإسرائيلية ولا التهديدات ولا عملياتهم الإرهابية والإستيطانية وحربهم القذرة المعلنة والمخفية ضد القيادة والشعب الفلسطيني وضد إرثه وتراثه وقدسه ومقدساته ستخيف شعبنا وتثنيه عن نضاله ، فشمس الحرية ستشرق غدا بإذن الله لتنير سماء فلسطيننا العربية ، وتشع من القبضة الفلسطينية رافعة علمنا الوطني في كل أنحاء فلسطين ، وفوق جبال ومساجد وكنائس وأسوار القدس ( شاء من شاء وأبى من أبى ) .