الغرق في كآبة الذكرى مرفوض, كما أن نسيان الماضي مرفوض أيضا, فهناك في الأردن عدد من الكتّاب وهم نسبة لا يستهان بهم فقدوا بوصلة السير نحو الوطن ,واتجهوا إلى البحث عن زعامات فارغة على حسابه, فبنوا لأنفسهم هياكل على كومة ثلج. هولاء الكتّاب الذين باتوا يلعبون على الساحة الإعلامية بفعل نظام صناعة الكتاب والإعلام في الوطن, فترى فلان مغمور وبين يوم وليلة يركب شبحا ويقطن دابوق وأولاده في اكبر المدارس الخاصة , وكأن الله يمطر ذهبا وفضة. ما حصل مع احد الزملاء قبل أشهر في قضية \\"حراسته\\", يدخل في باب الاستغفال للعقل الأردني ويجب عدم تركه يمر دون حساب, لنتساءل بعدها: كيف تنصب منابر الصحافة لبعض العناصر في الفريق الإعلامي الأردني؟ . ينادي البعض من الزملاء بمحاربة الفساد, وهم يوجهون سهامهم تجاه إنعاش الفساد, حتى بات أمر تصويب الفساد أمر مستحيل في عصر فتحت به أبواب الإعلام لفئة مضللة ومضلة؟. إن بعض كتابنا عظمت جرأتهم في تشويه الوطن, وتلون مكرهم في إثارة الفساد بكلمات تخرج من افمامهم, وتخطها أقلامهم, فهدموا الفكر والأمن معا. فلا أبالغ إذا قلت بأن خيول بعض الكتّاب لا زالت تسرح وتمرح برعاية بعض كبار المسئولين والأمنيين, مستغربين لماذا تتم رعاية مثل تلك الأقلام المتلاعبة بحقوق المواطن والوطن بثياب الصحافة والإعلام؟ , حتى شرحوا بالغش صدرا, فانبسطت ألسنتهم بالسوء , وسالت أقلامهم بالسواد , فاختلفت في كل شيء , والتأمت على معنى واحد فقط هو \\" مزاحمة الشرفاء في الوطنية\\". معذرة من جميع الزملاء فإني هنا وأن كنت لا أنكر الدور المهم الذي تلعبه الصحافة في الأمن الوطني والفكري في الأردن , إلا أنني أقول بأن ما يجري على الساحة الإعلامية الأردنية من فوضى ليس في حاجة إلى إثبات, بل في حاجة إلى إثارة الدهشة التي هي أول الحكمة؟. فقد سأل حمار ذات يوم احد العاملين في المجال الإعلامي:كيف حال الأوضاع في وطنك ؟؟؟ , فقال الإعلامي: الحمد لله لدينا رأيا ودستورا وشعبا, فرد عليه الحمار بتهكم ونحن لا رأي لدينا ولا دستور عندنا ولا شعب لنا, ولا عرب فوقنا, ولا غد ينتظرنا, ومع ذلك نعيش بسلام وأمان, لأننا نرفض أن نعيش على أنقاض بعضنا. ففي زمن الإعلام الأردني الحالي مَثلي الأعلى هو \\"الحمار\\", لأنه يمارس حياته بلا نميمة ولا قتل ولا سرقة ولا اعتداء ولا غش ولا كذب ولا دجل ولا تشويه ولا تآمر , فأحيانا لا يجد شعيرا ولا تبنا, لكنه لا يشتكي ولا يتظاهر , ولا يتمنى الموت لغيره من اجل منفعة دنيوية, أو من اجل إزالة فلان عن الكرسي , ولا يتزعم انقلابات لأنه راض بما قسمه الله له , مستحلفكم بالله جميعا أيها الزملاء العاملين في المجال الإعلامي , هل رأيتم يوما حمارا قتل حمارا أو اعتدى عليه في الشارع أو في بيته الآمن \\" الزريبة\\", أو لوث سمعة فلان من اجل فلان؟؟؟. بقي أن أقول لا تستغربوا أيها الشرفاء في المهنة الشاقة عن انكسار عيون أهل الغيرة, إذا ما ُخلع حجاب الشرف والكرامة عن وجوه كل المتخندقين وراء سور الكلمة والحرية. وقفة للتأمل\\" الإعلام في وطني أشبه بزحف جنود نابليون إلى موسكو في شتاء عام 1812 : يتقدمون خطوة ويتزحلقون خطوتين.