كانت الدول الاستعمارية قديما تحتل الدول الاخرى بقوة السلاح وبالحروب. اما الآن فاصبح الاستعمار اكثر رأفة وتخلى بعض الشيء عن القتل واستبدله بغزو شعوب العالم الثالث بواسطة الجينز والهمبرغر والبيبسي وايضا عن طريق الغزو الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وكذلك عن طريق تشجيع الدعوات العرقية والاقليمية والطائفية والمذهبية والانفصالية تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان والهويات الطائفية والعرقية. وتعطفت الليبرالية علينا لتنثر شعارات الاصلاح والتطوير والحداثة وهذا يتم بايجاد النخب لتنفيذ هذه الاجندات. ان مشاريع ثورة التنوير التي يدعيها اهل الليبرالية للقيام بها لم تأت أكلها للشعب ، بل كان نتيجتها الاثراء عبر برامج الخصخصة والاستثمار وعبر شعارات الاصلاح والتطوير والحداثة وتشكيل المجالس والمؤسسات المستقلة. واشباع وسائل الاعلام باسطوانة النزاهة والشفافية المشروخة. واصبح القطاع العام والخاص يترزق على مايقدمه مانحونا. واتباع سياسة الارتهان للمعونات الاجنبية واصبحت الحكومات تحرص على ايجاد تشريعات لخدمة بيئة الاعمال على حساب الطبقات الفقيرة وتطلب هذا الامر كله توظيف عدد من الاعلاميين والمراسلين للدفاع عن الليبراليين الاصلاحيين. الطبقة الوسطى في المجتمع الاردني تم ارهاقها بالقروض النبكية والاستهلاكية ولم تر المن ولا السلوى وانضمت للطبقة الفقيرة ونتج عن ذلك التفكك الاسري وتنوعت الجرائم وعانت من الفساد وعدم تكافؤ الفرص بالاضافة للواسطة والمحسوبية ناهيك عن توريث المناصب والوظائف. لقد اشبعونا وعودا براقة عبر برامج الخصخصة وجميعنا يعلم ان الخصخصة هي تحرير سيطرة الدولة على وسائل الانتاج وان القطاع الخاص اكثر كفاءة في ادارة المشاريع من القطاع العام والادعاء انها تجذب الاستثمار وتساهم في تخفيض حجم الدين العام بالاضافة الى تطوير مهارة العاملين. والحقيقة انها تضع يدها على مقدرات المجتمع وعلى التوظيف والسلع والخدمات والتسعير وتوزيع الارباح وتوجيه الموارد وتفكيك الدولة في اطار العولمة. كل مانريده لبلدنا الاردن هو القوة والمنعة .. بلد الوسطية والاعتدال . اما الفاسدون الذين يعتقدون ان الدولة لاتمسهم.. فهم على خطأ لانه يوما ما سيحاسبون ، وهاهي بوادر المساءلة والكشف بدأت بوزارة الزراعة وامانة عمان وغيرها. فنرجو للحكومة الحالية التوفيق في محاربة الفساد والمحسوبية وليحفظ الله الاردن الغالي .