هناك ثلة من الناس من بني جلدتنا لا زالوا يشككون في الدور الاردني ويتهمونه بأنه مصنوع في امريكا, متناسين هولاء الذين يقبضون رواتبهم ثمنا لهذا الترويج من جيوب موظفي السفارات الغربية, بان الاردن حينما قرر ان يكون خارج فريق حفر الباطن عام 1991, كانوا جميعا يلعبون في خط الوسط والهجوم والدفاع ويقفون حراسا لمرمى هذا الفريق , الذي مزق الوطن العربي وسرق عافيته لمدة عشرين عاما قادمة.
لم نرى أحدا من إعلاميو وسياسيو الوسط المشبوه قد تعرض للنقد لهذا الفريق, وبالوقت نفسه لم نرى احدا منهم قد اشاد بموقف الاردن البلد الوحيد الذي كان خارج لعبة امريكا وتحالفها في حرب الخليج الثانية , لا لسبب بل لانهم ينتقون المواقف التي تخص الاردن انتقاء مدروسا لخدمة بني صهيون واعوانه من تجار الاسمنت والحجر والثورات والشعارات وارباب القوميات الفارغة .
فلا ادري كيف تكون صناعة القرار الاردني إذا في المطبخ الامريكي بعد موقفه المشرف هذا ؟ , فالكل يعرف بان الاردن رفض ان يغرد مع امريكا في احلك الاوقات, وفضّل البقاء خارج لعبة صفق للاعبيها طويلا من ينتقد سياسة الاردن اليوم ودون ان تطلب منه امريكا ذلك, لإمتهانهم شق الصف العربي الذي لا يستطيعون العيش بتلاحمه.
ففي حين ان الاردن فتحت امامه جبهات جهنم ولا يزال يعاني من تبعات قرار عدم الانضمام لفريق حفر الباطن و اقتصاده لازال يصارع للبقاء على اقدامه رغم المعيقات المتعمدة التي رسمها البعض بالقول اميطوا اللثام عن الوجه الحقيقي للاردن لكي يتعرى .
إن الوجه الحقيقي للاردن كان ولا يزال مشرقا لن يلوثه موقف حاقد او متامر, وسيبقى يسير على سكة مبادئ الثورة العربية الكبرى والتي من اشهرها عدم اشهار السلاح في وجه الاخ والشقيق تحت كل الذرائع, اللهم إلا في حالة إجراء عملية جراحية لشفائه او لتخليصه من ورم قد يضر بالاثنين إن تفاقم, والكل هنا يعرف ما المقصود من هذه الجملة إن شاء ان ينتقد الاردن على امر ما في وقت ما.
فالعيب كل العيب ان يبقى الاردن واحة للانتقادات وكأنه ابن العبدة وغيره ابن السيدة, فهذا يجب مقاومته ليس من قبل الاجهزة الاردنية المختصة ,ولكن من قبل الشعب الاردني الذي تعود على العيش في نعمتي الامن والامان اللتين افتقدهما الكثير من الشعوب على ايدي مؤسسات حكوماتهم وبايدي اخوتهم.
نعم انها الحقيقة المرة التي علينا مواجهتها كأردنيين بقوة والكامنة بان هناك من ابناء شعبنا يريد بكتاباته وتحليلاته ومواقفه وتصريحاته اظهار الاردن بانه ضعيف خدمة للغير, وارهابا للوضع الداخلي في الاردن والذي كان ولا يزال يمثل احد اركان القوة الاردنية, ونتمنى ان يبقى عصيا على الاختراق من قبل القريب والغريب, بتكاتف وتلاحم الشعب مع القيادة كما كان الحال عليه منذ تاسيس الاردن والى ان يرث الله الارض وما عليها.
فالاردن تعرض لازمات كثيرة لكنه رغم صعوبة مواجهتها لا يزال قويا رغم ان الهزات التي تعرض لها , اصابت دولا غيره تفوقه في العدد والمعدات واطاحت به ومزقته, ليس لانه متأمر على العرب كما يريد البعض ان يحلل مواقفه وُُيفهم الرأي العام العربي بذلك , بل قوي لان ابناء شعبه يرفضون الذل والخنوع,ولان هناك حاجة دولية واقليمية بأن يبقى قويا رحمة بالمنطقة بأسرها, وليعلم جميع المتامرين بان قوة الاردن وصموده اذا كان البعض يرى بانها تمثل قوة لاسرائيل, فانها بذات الوقت تمثل قوة لفلسطين وسوريا والسعودية والمشرق العربي وبنفس السوية, والتي لو تحطم الاردن لا قدّر الله فسيجدون اسرائيل تقف بمحاذاة بلدانهم.
انا هنا لست بصدد الدفاع عن اسرائيل فلتذهب الى الجحيم اذا اعتقد احد بذلك , ولكنها الحقيقة المرة التي على جميع الاردنيين والعرب فهمها وتذوق طعمها حتى وان وجدوا بها رائحة الدفلى والمرارة, وعليهم فورا واجب بتر اصحاب الرؤى الضيقة والميتة من اصحاب الاقلام والتحليلات ومراكز الدراسات الاستراتيجية, والتي لا يوجد بدراساتها الاستراتيجية إلا كل ما هو ضد الاردن كيانا وشعبا.
وقفة للتأمل\" سر بقاء الاردن وصموده في وجه الازمات المتلاحقة, يكمن في الوصفة السحرية التي تجمع القيادة الهاشمية المتعاقبة على حكم الاردن وبين شعبه الذي لم يسجل التاريخ لهم حالة خيانة واحدة \".
Quraan1964@yahoo.com
* عضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين