ما زالت كلمة الاصلاح تتردد والحديث عن الاصلاح يزداد حتى أصابنا التعب..ولكني ما زلت اؤمن ان موضوع الاصلاح لم يتم تناوله من جميع جوانبه..لقد تعودنا على النقد وابتعدنا عن الموضوعيه في أغلب الحالات وفي الحقيقه ما زلت اعتقد ان هناك الكثير من الجوانب تستحق البحث
ان الذي يتحدث عن موضوع اصلاح النفس اولا غالبا ما يتهمونه( بالتسحيج) او انه قد فقد عقله وانه قد أصبح صابئا ولولا ايماننا بأن الحبيب المصطفى هو اخر الانبياء لقالوا انه يحتاج الى نبي جديد يخرجه من الظلمات الى النور .وما ذاك حسب اعتقادي الا لان البشر دائما يبحثون عن طريقه يتجنبون فيها الحديث عن أخطائهم وبنفس الوقت يحبون انتقاد غيرهم..ورب العالمين سبحانه وتعالى شدد في كتابه العزيز على موضوع اصلاح الذات وتحدث عن ذلك_حسب علمي المتواضع_ اكثر مما تحدث عن اصلاح السلطه الحاكمه..وأنزل في ذلك ايات تتلى اناء الليل وأطراف النهار عندما قال:"يا أيها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم" صدق الله العظيم ..والايه الكريمه واضحه وضوح الشمس في رابعة النهار في أهمية اصلاح النفس قبل المطالبه بالاصلاح وفي سورة البقره يقول سبحانه وتعالى:: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) صدق الله العظيم
..مع الاقرار بأهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ..لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال-بما معناه- عن الناس الذين اذا سمعوا بالمنكر فلم يغيروه بان الله اوشك ان يعمهم بعقابه حسب رواية ابي بكر الصديق رضي الله عنه..ويتضح من الايه الكريمه والتفسير الذي تلاها ان اصلاح النفس يأتي اولا
أما بخصوص نصيحة السلطان فان الرسول صلوات ربي وسلامه عليه أخبر عن ذلك أيضا وقال عنه يجب ان يكون بالسر لا علانية كما يحدث الان..وذلك لدرء الفتن .فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه) وفي رواية أخرى (من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده فليخلوا به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى الذي عليه) او كما قال..وكم نسمع الان من كلام في هذا الموضوع لا يتصف بحمل المسئوليه!
اما فيما يخص العقل البشري وما يتماشى مع المنطق فهناك الكثير من الاراء ..شخصيا أؤمن ان موضوع اصلاح النفس يأتي اولا او على الاقل يجب أن يتوازى الاصلاح السياسي مع اصلاح مجتمعي واخلاقي والا لكان الاصلاح ناقصا..ولو تخيلنا أن الدولة كانت على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها ونهارها كليلها فهل ستستطيع ان تضع شرطيا على رأس كل مواطن؟؟ كما ان المقارنه النسبيه في هذا المجال هي شيء معقول فرئيس الحكومه الذي يهمل في واجباته هو مقصر كما هو الحال بالنسبة للموظف الصغير الذي يهمل في واجباته والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :"كلكم على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك "
والرسول يقول كلكم ولم يقل بعضكم او أفضلكم أو أعلاكم منصبا..والحديث أيضا واضح
وان النفس البشريه لا تتقبل النصح ممن يمارس نفس الشيء _اذا كان موجودا_ وقد تحدث الكثير من الناس عن ذلك ,ويكفي في ذلك قول جميل جدا ويحتاج لتفكير عميق عندما قال الشاعر:
يا أيــها الرجــــل المعـلـــم غــيره
هلا لنفسك كان ذا التعليــم
تصف الدواء لذي السقا وذى الضنا
كيمـا يصـح به وأنت سقيــــم
ونـــراك تصلــح بالرشــــاد عقـــولنا
وأبـدا وأنت من الرشــاد عــديــم
ابدأ بنفســك فانهــهـا عــن غيـــها
فإذا انتهــت عنــه فأنــت حكيـم
وبعد كل ما ذكرت سابقا فانا لست من دعاة السكوت على الخطأ ..فالخطأ لا يصلحه الا أصحاب الهمه والعقل والعزيمه ولكن بعد أن يبداوا بالخطوة الاهم وهي أن يصلحوا أنفسهم ..ويا ليت ان الدوله تسمع هذا الكلام فتصلح نفسها أيضا ...حفظ الله بلدنا الغالي من الفتن..اللهم ان أصبت فمن عندك وان أخطأت فمن نفسي