كان خلط الماء بالزيت ضربا من المستحيل ، ويوصف من يهذر بالحديث او بالفكر المشوش بأنه يخلط الزيت بالماء ، وكثيرا ما كانت هذه الوصفة الجاهزة تقذف في وجوه من يجاهرون بخلافهم مع مواقف رسمية او برامج اقتصادية وقد تلقى وجهي الكثير من هذه القذائف ابان المجاهرة برفض برامج اسميت في وقتها برامج الانفتاح الاقتصادي وخروج الدولة من السوق. امس صدر خبر علمي يناقض كل هذه الطروحات بعد ان نجح فريق علماء امريكي بخلط الزيت بالماء ، رغم ان الماء مركب قطبي والزيت مركب عضوي غير قابل للذوبان ، وهذه شهادة من اصحاب نظريات عدم الخلط ومن والى هذه النظرية في بلادنا ، بأن الخلط علميا ممكن وعليه فإن نظريات السوق قابلة ايضا للخلط مع نظريات القطاع العام وبقاء الدولة لاعبا رئيسا في معادلة السوق ، التي ان خرجت منها الدولة فإن غيلان السوق سيأكلون الاخضر واليابس كما حدث في سنوات عجاف دفع المواطن الاردني فيها ثمنا باهظا. الزيت ظل لفترة طويلة طائشا على وجه الماء وقد ساهم طيشه في الكثير من النرجسية التي فاقت حدود المنطق والاحتمال ، وساهم الطيش في ارتفاع سعره وفي عدم المقدرة على امساكه وإخضاعه للتساوي مع الماء الذي يشكل الغالبية العظمى من اجسادنا ومن الكرة الارضية. وبالتالي يشكل السواد الاعظم من البشرية ولا يجوز للزيت ان يبقى طائشا وغير محكوم بمنطق الاكثرية العظمى ، او ان يعتقد انه قادر على البقاء في الاعلى. الاردن كان سبّاقا حتى على العلماء الامريكين في تطويع الزيت واجباره على ترك السطح والعودة الى الذوبان في وعاء العامة او الغالبية العظمى. ونحن بحاجة الى المسير والاحتكام الى النظرية الجديدة التي تتحدث عن امكانية الخلط بعد ان اعيانا اصحاب نظرية السوق واوسعوا اجسادنا وجيوبنا ضربا بحجة عدم اختلاط الزيت بالماء ، فالزيت لا يمكن ان يتخلى عن طيشه برغبة ، ولا بد له من عوامل محفّزة كي يتخلى عن طيشه وهذا ما تم اردنيا. الدنيا لا تقف على ساق واحدة وعلى اصحاب النظرية الجديدة ان يقنعوا ساستهم بهذا وان يقنعوا حلفاءهم وتلاميذهم بذلك فالولايات المتحدة هي اكثر دولة بحاجة الى الفهم ان الزيت لن يبقى طائشا طويلا ولن يبقى على غيّه فهو لا يشكل بأي حال من الاحوال اربعة اخماس الكرة الارضية كما الماء وعليه ان يستجيب لمنطق الكون. Omar kallab@yahoo.com