طريفة ومسليّة هي السياسة اللبنانية ، ومن الممتع حقّاً متابعة تصريحات السياسيين اللبنانيين التي تتناقض بين شهر وآخر ، وبدا حفل الغداء الذي أقامه وئام وهّاب لوليد جنبلاط وضمّ مختلف أنواع الزعماء ممثلاً حقيقياً لما نقول. وليد ووئام تبادلا اتّهامات غير طبيعية على مدار السنوات الأربع الماضية ، وقال كلّ واحد في الآخر كلاماً قبيحاً ومن تحت الزنّار ، ولكنّ القبلات أمس كانت حارّة ، والكلمات المتبادلة التي حملت ما يشبه الغزل تشي بصداقة عُمر بين الاثنين ، ويا دار ما دخلك شرّ. هذا المشهد يتكرّر يومياً على شاشات الفضائيات ، وبين الزعماء الذين كانوا ألدّ أعداء الأمس ، وباستثناء واحد أو اثنين ، فالجميع أحبّاء من عون والحريري إلى جنبلاط ونصرالله إلى فرنجية والجميّل إلى وإلى وإلى من رجال يمثّلون الشارع اللبناني ، ويُفترض أنّ هذا الشارع سيصدّقهم هذه المرّة ، كما صدّقهم في المرّات السابقة. تثبت الآن ، أكثر من أيّ وقت مضى ، حقيقية أنّ العامل الداخلي اللبناني محدود التأثير في السياسة اللبنانية ، والعداوات التي تبدو متأصّلة في وقت ، وتعود وتصبح صداقات ، ليست أكثر من إدارة خارجية بالريموت كونترول ، من هنا وهناك ، من أطراف عربية أو إقليمية أو دولية ، ولا يفعل الزعماء سوى ما يأتيهم من أوامر لا أكثر ولا أقلّ ، وفي زمن مصالحات عربية كبيرة يبدو لبنان هادئاً وهو كذلك هذه الأيام.