تحتفل الكثير من البلدان بيوم الأرض الذي أسسه السناتور الأمريكي غايلورد نيلسون سنة 1970 كيوم بيئي ويحتفل الفلسطيني ومعه إخوانه العرب بيوم الأرض الفلسطيني الذي أسسه الشعب الفلسطيني سنه 1976 بدمه الطاهر تخليدا لموقفه البطولي ضد سلب أرضه.
شتان بين اليومين فالأول أسس ليكون خطوة نحو حياة الترف وأسسه من هو على أرضه وينهش بأرض الآخرين في حين كان الثاني لوقف سلب الأرض لما من معاني عظيمه يصعب على الكثيرين من أتباع يوم الترف تفهمها ولكن ابسط ما فيها وما هو ضمن استيعاب أصحاب هذا اليوم هو العيش منها .
يوم 30 آذار هو ذكرى يوم الأرض الذكرى التي تعود أحداثها لسنه 1976 يوم وقف الفلسطينيون بوجه سرقة الصهاينة المستمرة والممنهجه لأرضهم . وقفوا بوجه وثيقة الصهيوني ( يسرئيل كننغ ) متصرف لواء المنطقة الشمالية بحسب التقسيمات الإدارية الصهيونية , تلك الوثيقة التي تمت صياغتها تحت عنوان ( مذكره معاملة عرب إسرائيل ) والتي حذرت من ازدياد عدد الفلسطينيين في اللواء الشمالي لذلك بنى الصهاينة منهجيتهم على تفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها و تقليل عددهم في الجليل ومحاصرتهم اقتصاديا واجتماعيا وتوجيه المهاجرين اليهود للاستيطان في الاراضى المسلوبة. و بهذه الوثيقة وما تبعها من إجراءات إجرامية تؤكد الصهيونية وجهها العنصري لتبطل مشروع الدولة الواحدة للشعبين التي يدعو لها البعض.
لقد أكد هذا اليوم انه بالرغم من مرور ثمانية وعشرون عاما على نكبه سنة 1948 بقى الفلسطيني - وبرغم كل ممارسات العدو الصهيوني - على عهدة مع أرضه وأكد بأنه لن يقبل التفريط بها فقدم دمة الطاهر في هذا اليوم كعادته في بقية الأيام. كان يوم الأرض ثوره شعبيه لتؤكد بان العربي الفلسطيني لا يقبل المساومة ولا يقبل التفريط بأرضه فأعاد ذلك اليوم التذكير بالوجه الحقيقي للفلسطيني المجاهد المرابط على أرضه بعد أن ترك وحده يصارع ظلم احتلال الصهاينة يساندهم الغرب المتجبر.
لقد صادر الصهاينة ألوف الدونمات من أراضي اهالى الجليل في عرابه وسخنين ودير حنا وهي المسماه بقرى مثلث يوم الأرض, وكان قد بدأ منذ عام 1956 بإغلاق الأراضي الزراعية لأقامه مستوطنات يهودية عليها.
نستذكر هذا اليوم وشهداءه الأبرار ونحن نرى العدو الغاصب يمارس نفس الأسلوب ونفس النهج في كل ارض فلسطين وهاهو يقضم في القدس يوما بعد يوم لتحقيق شعاره المعلن دون تردد بان القدس عاصمة لكيانه المصطنع.
بين يوم الأرض 30 آذار و يوم الكرامة 21 آذار عقد حكامنا مؤتمرهم - الذي جرت العادة على تسميته مؤتمر قمة - في آذار من هذا العام وتحديدا يوم 27. نستذكر هذين اليومين اللذان وبالصدفة يقع مؤتمر القمة بينهما لنقول إن يوم الأرض خالد وان يوم الكرامة خالد وان يومكم يوم اجتمعتم في سرت ليس خالدا بل انه يوما للتندر من قبل العربي الصابر المحتسب فقد سجلتم قبله اثنان وثلاثون يوما ( وعلى مستوى القمة ) كلها يستحضرها العرب لغرض تأكيد رأيهم فيكم بأنكم ما كنتم يوما مع أمتكم بل أنكم كنتم دوما عونا لأعدائها عليها في حين حرف يوم الكرامة ويوم الأرض مسارا كان متجها بالامه نحو دفنها فأكد شهداء الكرامة وشهداء الأرض بان الأرض تعني الوجود وتعني الكرامة والشرف والكبرياء وهذه عناوين بقاء الأمة فضحوا بأنفسهم وطلبوا الشهادة ليصبحوا رواسي لأرض أمتهم من جوفها لكي يستمر صمودها أمام العاتيات التي تريد موتها. ألا إنني انحنى إجلالا وإكبارا لهؤلاء الشهداء الخالدين ولكنني ابعد عيوني كي لا يقع نظري على حكامنا بالرغم من أناقتهم وبدلاتهم الثمينة.
لقد عقدتم مؤتمركم وشاهدكم الشعب العربي من خلال إعلامكم المسلط على سمعه وبصره وشاهد حسن طلعتكم والترف الذي كنتم فيه ولكنه سمع بما تمخض عنه اجتماعكم من قرارات ضحك عليها عدوة وتحسر هو لما أوصلتموه إليه. كنتم تسمعون استغاثة فلسطين المغتصبة واستغاثة العراق الجريح وسمعتم قصه أم كامل المقدسية ولم يرف شاربكم ..... فمتى بالله عليكم يرف .
لقد كان شعار قمتكم دعم صمود القدس وما كانت هذه التسمية إلا كما هي عادتكم ترفعون اليافطة وتبدءون بتمزيقها, وتبرعتم ب 500 مليون دولار وبالرغم من انه مبلغ زهيد قياسا لما أنفقتموه على مؤتمركم وقياسا لما يملكه الكثير منكم فهو لا يساوي عند بعضكم ما يدفعه في جولة سياحية على (رأسه وبطنه و .....) و مع انه مبلغ زهيد لا يساوي قطره دم من دم الشهداء فإنكم لم تستطيعوا صياغة تبرعكم ليكون بعمله عربيه. صحيح انه لا توجد عمله عربيه موحده لكن هذا لا يمنع بان يكون بالدينار الأردني مثلا خاصة وان الأردن هو الأقرب لموقع الإنفاق ولشعار مؤتمركم. و فوق ذلك فان الشكوك تدور حول هذا التبرع فقد يكون كتبرعكم لاعاده بناء غزه الذي لم يصل منة دينارا واحدا بسبب ضعفكم وعدم جرأتكم للمطالبة بفتح الطريق لتوصيل التبرع .
كنا نتمنى أن يرتقى مؤتمركم إلى أدنى طموح عند الشعب فتطلبوا من رئيس مصر إيقاف جداره الخانق لغزه وأهلها وان تدعموا الأردن لتأكيد صموده بوجه ما يحاك ضده خاصة وانه في ظروف اقتصادية صعبة, وكنا نتمنى أن تساندوا موريتانيا في موقفها الجريء في إنهاء علاقتها مع (إسرائيل) .
إن ما نخشاه من مؤتمركم هذا بان يكون مقدمه تدفع الصهاينة إلى اتخاذ خطوات أخرى على الأرض تناقشونها في مؤتمركم القادم بعد ستة أشهر وتنسون كعادتكم القرارات السابقة.
د. عبداللة الرواشدة
drabdullah63@gmail.com