قال تعالى ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) ويقول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ( ايات المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا إؤتمن خان ) وقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم فيما معنى الحديث ( أنه لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له). المسؤولية أمانة غالية في أعناق الناس ويجب ان يعتبروها دائمة ولا تنتهي بزمن او بموقع او التنحي عن منصب ، وكل من يفهم المسؤولية غير ذلك تكون نهايته غير مرضية في الموازين الدينية والاخلاقية والاجتماعية ، فمن يعتقد أن الموقع امتياز ووسيلة إلى الغنى هو جاهل لا يتعظ بغيره أبداً.. فالمسؤولية صعبة يتطلب انجازها رجالاً يتحملونها بكل رجولة وشجاعة وأمانه معتمدين على نظافة اليد والاستقامة والحفاظ على القوانين والمساواة بين الجميع.. وتنفيذ ما يكلفون به من اعمال بكل دقة وأمانه وفي مواعيدها المحددة. وعندما يكون هناك تقصير بحق الامانة في اي موقع فان هناك امناء موجودين يشكلون ظاهرة فريدة ومتميزة وايجابية بأدائهم ومستغربه في هذا الوسط وبالتالي لابد لهؤلاء الشرفاء أن يتعرضوا للقهر والضغط ليتعايشوا مع هذا الوسط وبالتالي يخسرون كثيراً من خصائص شخصيتهم الإيجابية او ان تكون نهايتهم الأغتيال المعنوى والأدبى وحرمانهم من كافة المزايا التى تمكنهم من أداء مسئوليتهم بأمانه .
أن المواقع والكراسي لا تدوم فالبقاء دائماً للأثر الإيجابي الذي يتركه المسئول او الموظف عندما يغادر موقعه ليبقى شاهداً على عمله وعلاقته مع الناس ونوعها.. إن التطور التنموي المستدام ينمو في أمة توفرالبيئة المناسبة، فتنمية الإنسان وتطوير بيئته، ورعاية مصالحه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتوفير سبل الإبداع والابتكار له، تتطلب نهضة إصلاحية شاملة لكل مؤسسات الوطن، وبتكثيف واعٍ بثقافة الحقوق ونشرها ومحاسبة منتهكها، ليدرك المتعلم مسؤوليات مؤسسات الدولة واختصاصاتها وحقوقه فيها وواجباته ، وبأسلوب محاسبة يستظل بنظام يحرص على التربية الداخلية، يحتكم لمسؤولية الضمير الإنساني الذي يحتضن ثقافة الالتزام والإتقان والإنجاز، وما مقارنة مستوى الأمانة ومخرجات الإبداع في بلاد المسلمين ببلاد الغرب إلا دليل لتباين واضح ، فيجب حفظ حق الجميع، والنهي عن الفساد ، بقانون يتساوى الكل أمامه ويحاسبون لانتهاكه، ومن هذة الطرق ان لا يسند العمل ولا المنصب إلا لصاحبه الجدير به ، والأحق به من غيره ، دون محاباة لأحد ، وإلا فقد ضاعت الأمانة. وضياع الأمانة دليل على ضياع الإيمان ونقص الدين . فالأمانة من الأخلاق الفاضلة وهي أصل من أصول الديانات ، وعملة نادرة في هذه الأزمنة ، وهي ضرورة للمجتمع الإنساني وبقاؤة ، لا فرق فيها بين سائل ومسؤول وصانع وتاجر ، وعامل وزارع ، ولا بين غني وفقير ، فهي شرف للجميع ، ورأس مال الإنسان ، وسر نجاحه ، ومفتاح كل تقدم ، وسبب لكل سعادة ، وليست الأمانة محصورة في مكانها الضيق الذي يعتقده كثير من الناس ، فالأمانة ليست مقصورة على أداء الودائع التي تؤمن عند الناس ، بل هي أشمل من ذلك بكثير ، فشعائر الدين أمانة ،والاخلاق امانة والصدق ومحبة الناس امانة وعدم التزوير واعطاء الحقوق ومحاربة الاشاعات امانة ومحاربة الفساد باشكالة ومحاربة التضليل امانة والحفاظ على الوطن ومكتسباتة وحقوق الناس امانة ، وإن مما يتعلق بأمانة المسؤول ، أمانة تولية المسؤولية لمن هو أهل لها من أهل الكفاءة والصلاح والاستقامة ، ومن الناس المشهود لهم بحسن السيرة والإخلاص في العمل ، حتى تتهيأ فرص الإنتاج المثلى التي يستفيد منها الفرد والمجتمع .
علي يوسف المومني aliyos6@yahoo.com\\