زاد الاردن الاخباري -
لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، يقترح علماء في اسكتلندا حلا من العالم الخارجي، سحابة غبار فضائي ضخم ينجم من انفجار كويكبات تكون بمثابة مظلة للأرض.
ولم يعد يخفى على أحد حقيقة أن العالم يزداد حرارة وأن المناخ في الأرض تغير، على الرغم من رغبة الكثيرين في منع هذه التحولات عن طريق الحد من انبعاثات غازات الدفيئة التي تحبس الحرارة من الشمس، يقترح بعض العلماء حلول مثيرة للجدل تكمن بالتلاعب في المناخ على كوكب الأرض، باستخدام مشاريع هندسية على نطاق واسع، تسمى هندسة الجيولوجيا.
وبدلا من تغيير المناخ من خلال استهداف إما المحيطات أو الغلاف الجوي، يقترح بعض الباحثين مشاريع الهندسة الجيولوجية من شأنها أن تؤثر على الكوكب بأسره من الفضاء. من المرجح أن ترتفع حرارة الأرض بمعدل 2 إلى 11.5 درجة مع نهاية هذا القرن، حسب الفريق الحكومي الدولي المعني بالتغيرات المناخية التابع للأمم المتحدة.
وهناك طبعا طريقة مباشرة لمنع حدوث هذا، وهي بخفض انبعاثات الكربون، ولكن نتيجة لعدة أسباب؛ اقتصادية وثقافية وسياسية وعموما بشرية، فإن تطبيق هذا الحل غير ممكن، وبينما تمر الأعوام نقف في مواجهة احتمالية قوية أن لا نعود قادرين على تغيير هذا الموقف إلا بعد أن لا يكون للتغيير أي نتيجة.
وهذا سبب دفع العلماء بالتفكير باقتراحات قد تمنح المزيد من الوقت، لكي يتسنى اتخاذ الإجراءات البيئية المشتركة، لكن بعض أفكارهم تلك تدور في خانة الخيال العلمي، فمنها على سبيل المثال ما يسمى "خطة الهندسة الجغرافية لتحفيز إنتاج العوالق النباتية بطريقة التسميد الصناعي للمعادن البحرية، بهدف امتصاص بعض ثاني أكسيد الكربون الزائد الذي انبعث في الغلاف الجوي".
أو خطة "استخدام أنابيب لمحاكاة امتزاج المياه في المحيطات"، وبذلك جذب المياه الغنية بالمغذيات في أعماق البحار إلى السطح ومحاكاة نمو براعم الطحالب"، التي تمتص ثاني أكسيد الكربون. أو "تبريد الأرض بإقامة درع واق من المرايا تعكس ضوء الشمس عن الأرض نحو الفضاء"، لكن المشكلة في المقترح يكمن في التكلفة الهائلة والجهد اللازم إما لبناء وإطلاق العاكسات إلى الفضاء أو القيام ببنائها في الفضاء الخارجي. التكلفة الحالية لإطلاق شيء في المدار الأرضي المنخفض يكلف الآلاف من الدولارات للرطل الواح، ووضع علماء اسكتلنديون من "مختبر مفاهيم الفضاء المتقدمة" في جامعة ستراثكلايد مؤخرا مقترحا جديدا يدور حول الاستفادة من الكويكبات، بأن يتم تحديد كويكب ذي حجم ملائم واستقطابه لموقع قريب من كوكب الأرض، ثم إجراء تفجير على سطحه لخلق سحابة من الغبار، بحيث تعمل جاذبية الكويكب ذاته على إبقاء هذه السحابة حوله ولتظلل الأرض في الوقت ذاته.
ويقدر هؤلاء العلماء أن سحابة الغبار الناجمة عن الانفجار ستكفي لحجب نحو 6.58 % من الأشعة الشمسية التي تصل الأرض، وهي نسبة لا تكفي لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وغير المناخي، لكن على الأقل ستعمل على إبطائها.
ويقول الباحث راسل بويك "نستطيع استغلال هذا الوقت من أجل ايجاد حل دائم لمكافحة تغير مناخ الأرض"، مضيفا أن السحابة تلك الناجمة عن انفجار الكويكب ليست حلا دائما، لكنه يخفف من آثار تغير المناخ ولو لوقت معين أي بما يكفي كي تأخذ الإجراءات البطيئة، مثل السيطرة على الكربون، أثرها".
إلا أن مقترح العلماء هذا يبدو، مثل المقترحات السابقة، ضربا من الخيال العلمي، فرغم أن كل ما اقترحه هؤلاء العلماء قابل للتطبيق نظريا، ورغم أن سحابة غبار بعيدة هي فكرة أقرب للتصور من واقيات الشمس التي ستحجب الشمس كليا، فإن العوائق التي تقف أمام تنفيذه كثيرة، ومنها النفقات، والإرادة السياسية، والمخاطر التي قد تأتي أثناء محاولة التنفيذ، مثل استقطاب الكويكبات الهائلة نحو الأرض.
ويرى محللون مختصون بالشأن البيئي أن شركة "المصادر الكوكبية"، وهي شركة للتعدين في الكويكبات بهدف زيادة الموارد الطبيعية للأرض، أنها ستحظى بفرصة أن تستحق اسمها، فالمخاطر ستظل موجودة بكافة الأحوال ومقترح سحابة الغبار سيكون أقل كلفة من مقترح المرايا العاكسة لأشعة الشمس، على سبيل المثال.
ويشير المحللون إلى أنه من الجيد معرفة أنه بينما نفشل نحن البشر بمكافحة الانحباس الحراري بالطرق البسيطة نسبيا، مثل تغيير سلوكياتنا البيئية، فإن العلماء يعملون على استكشاف بدائل ذات تقنية عالية نيابة عنّا، فإذا واصلنا تلويث الأرض فسيكون هناك دائما حل للضرر الذي تسببنا به، لكن هذا الحل قد يتعلق بتفجير كويكب ما.
وتحدث خبراء عن قلقهم على السلامة العامة التي قد تنتهك، عند القيام بتفجير كويكب كبير نسبيا، لهذا وجب التدرب على هذه العملية قبل الإطلاق، باستخدام نماذج المحاكاة المناخية، رغم أنها لن تعطي نتائج دقيقة تماما إلا في حينه، لن يكون اختبارا حقيقيا ولن يعطي نتائج صحيحة عما سيجري حقا في الفضاء الخارج، وهذا ما قد يجعل الأمر صعب التطبيق.
الغد