بضع ساعات فقط تفصلنا عن انطلاق المسيرة التي احتلت حيزا كبيرا من تفكير الأردنيين خلال الأيام الماضية ؛ ليس لأنها ستحقق المستحيل بل تخوفا من ردود الفعل العفوية التي قد تفت في عضد النسيج الاجتماعي الأردني؛ والإصرار على تنفيذ مسيرة المعارضين وتسيير أخرى للموالين في نفس المكان والزمان ودخول المغرضين والحاقدين في صفوف هاتين المسيرتين هو وحده الذي يثير القلق ويبعث الخوف في النفوس ، الأمر الذي لا تستطيع القوات الأمنية معه الوقوف موقف المتفرج ، وذلك حفاظا على الأرواح والممتلكات وصونا لمقدرات الوطن بعامة ؛ وعندها سينتهز الحاقدين الفرصة للإساءة لرجل الأمن ومن ثم اتهامه بقمع المشاركين واستخدام القوة بحقهم ؛ واعتبار ذلك تراجعا في العملية الديمقراطية .
لا يغيب عن ذهن عاقل أن النزول للشارع ؛ وإطلاق الشعارات المسئولة وغير المسئولة ليس هو الطريق الأنجع والوحيد لتحقيق الإصلاح المطلوب ؛ فالجميع يدرك أن الحوار والتفاوض واحترام وجهات النظر المخالفة ، والوصول إلى صيغ توافقية يقبلها الجميع، تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر وطول النفس ؛ لأن الإصلاح ه هو عملية تراكمية تحتاج للمزيد من الوقت والجهد؛ كما يجب الاعتراف أن الانجازات التي تم تحقيقها في مجال الإصلاح السياسي هي انجازات هامة ومتقدمة.
يرى البعض أن قانون الانتخاب الحالي قاصر ولم يلبي الطموح متناسين أن هذا القانون قد مر عبر القنوات الدستورية قبل اعتماده من قبل الحكومة، حيث تم مناقشته طويلا ودراسته دراسة مستفيضة ليراعي طبيعة الأردن الجغرافية و الديمغرافية ، وللوصول للمزيد من الإصلاحات والى قانون انتخاب أكثر تطورا ؛ يجب على هؤلاء التسجيل والمشاركة في الانتخابات القادمة ، والعمل على إيصال النائب الكفء، القوي القادر على المشاركة الفاعلة لسير في الطريق السليم لتحقيق المزيد من الإصلاحات ؛ أما الانكفاء على الذات والتغريد خارج السرب ، وعدم التعامل مع المتاح بواقعية ، هو عرقلة للمسيرة الإصلاحية الشاملة وإهدار للوقت ، وربما فقدان للقدرة على التأثير المجتمعي.
الوضع الراهن صعب والمنطقة من حولنا ملتهبة ؛ والخروج عن الحكمة والعقلانية ، ربما يقودنا لدهاليز ضيقة مظلمة تسيء للوطن والمواطن ؛ وما الإصرار على تنفيذ مثل هذه المسيرات في الوقت الحاضر ألا
ضرب من العناد واختلاق الفتن التي قد تأكل الأخضر واليابس .
أتمنى على القائمين على هذه المسيرات إلغائها أو أرجاءها لأشعار آخر ، لكي لا تكون سببا في تدمير المنجز ، وطرفا في وأد الإصلاح و فتيلا لإشعال الفرقة بين مكونات الوطن الواحد0