لعل موضوع جودة التعليم وأصالة التعليم هو من أهم المظاهر الحضاريه في أي بلد وقد كان مما يثلج الصدر ويبعث على الفخر والاعتزاز موضوع التعليم المتميز في الاردن مما جعل الاردن مضرب المثل في هذا المجال في المنطقه كلها ومما أعطى الحق لكل أردني أن يفخر أنه أردني وأنه حصل على تعليمه من المدارس الاردنيه وتخرج من احدى الجامعات الاردنيه العريقه..ولما كان هذا الموضوع يثلج الصدر قديما فقد بات الان يدمي القلب ويبعث على الأسى والحزن ما أصبح عليه الوضع التعليمي في البلد..فالى أين نحن سائرون؟
ان المعلم الذي تغنى به شوقي قديما قد أصبح في وضع مختلف الان ..أصبحت مهنة التعليم مهنة من لا مهنة له وفقد المجتمع الكثير من القيم التي كنا نتغنى بها وهي احترام المعلم وذلك لأسباب كثيره أهمها ادارة الدوله لموضوع التعليم ..الدوله التي جعلت من المعلم شخصا يلهث وراء لقمة العيش وحرمته من امتيازات كثيره بل وحرمته من أسباب الحياه ..وليس ذلك فقط بل ان الدولة ممثلة بوزارة التربيه والتعليم أمعنت في التشريعات التي تنال من هيبة المعلم وأخذت تطبق بعض وسائل التعليم الحديثه في غير مكانها وزمانها المناسبين وتطبيق بعض النظريات التي لاتصلح في مجتمعنا..هذا بالاضافه الى الترهل الكبير في الوزاره وتباين الاهتمام بالتعليم بين محافظة وأخرى وانعدام الضبط والحزم في العمليه التربويه
ولا شك أن جزء من المعلمين انفسهم يعد من أسباب المشكله.. فلقد نسوا انهم أصحاب رساله وان عملهم هذا لا يقاس بالاجر المادي فقط وانما يجب أن يكون الاجر الحقيقي هو احترام المجتمع واحترام رسالة تنشئة الجيل مع الاجر المادي ..بالاضافه الى بعض السلوكيات السلبيه من بعض المعلمين التي تسيء لمهنة التعليم نفسها..وكيف يطلب أمثال هؤلاء من المجتمع أن يحترم مهنتهم اذا لم يقوموا هم أنفسهم باحترامها واعطاء صوره ونموذج يجعل الاخرين بل ويفرض عليهم ن يحترم هذه المهنه النبيله
ان المجتمع ونظرته نحو مهنة التعليم كمصدر للدخل فقط هو ايضا سبب فيما يحصل من انحدار في قيمة التعليم كرساله..الكثير من الناس يحترمون صاحب الدخل المرتفع حتى لو حصل على هذا الدخل من الشياطين..كما ان قلة اهتمام بعض الاهالي بتعليم ابنائهم ساهم الى حد كبير بتراجع العمليه التعليميه ...بعض الناس لم تعد تريد علما وانما أصبحت تريد من ابنائها أن تـاتي بالمال حتى لو كان هذا المال على حساب عقولهم وعلمهم الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم :((من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معا فعليه بالعلم)) صدق رسول الله..هذا طبعا بالاضافه الى الكثير من الايات الكريمه والاحاديث النبويه التي تحض على العلم والمعرفه
ولن نستطيع هنا أن ننسى قلة الوعي عند بعض الطلبه الناتج عن ايضا عن عدم متابعة الاهل متابعه حثيثه..فالموضوع كما سبق عباره عن سلسله متشابكه من العوامل او بالاحرى عباره عن منظومه متكامله كل طرف فيه يلعب دورا هاما في سير العمليه برمتها فلا يجوز برأيي أن نلقي باللائمه على طرف واحد فقط وان كنت أعتقد أن الطرف الاكثر تقصيرا هو الدوله ..الدوله هي التي تستطيع أن تغير من واقع الامور وهي الاكثر قدرة وهي صاحبة المسئوليه الاولى عن التعليم بنفس الطريقه التي تعتبر فيها مسئولة عن الصحه والجيش وفتح الشوارع وتسيير باقي شئون البلد
ان لكل دوله مجالا بارزا للاستثمار ..فبعض الدول تستثمر في البترول وبعض الدول تستثمر في الصناعه وبعضها يستثمر في السياحه وهكذا..وانني أؤمن أن الاستثمار الاكبر للاردن هو نوعية التعليم المميزه مما أعطى صوره رائعه عن المتعلمين والذي ساهم بشكل كبير في ايجاد فرص العمل للخريجين الاردنيين خارج الاردن مما ساهم في حل جزئي لمشكلة البطاله وفي جلب العملات الصعبه للبلد...لكنني أؤمن ايضا أننا صرنا نفرط في هذا الجانب الهام من الاستثمار ولا أدري لمصلحة من يحدث ذلك؟؟..ليتنا بقينا على المستوى الذي كنا عليه ولم نتراجع..
فهل سيقبل أمير الشعراء منا الاعتذار؟؟؟