يُطلق على شهر نيسان شهر الخُمسان ، وكذلك شهر الخميس ، للدلالة على خميس الأموات ،الذي يقع في الأسبوع الثاني منه ، وفيه يُسلَق البيض ويُصبَغ بورق البصل أو العُشب الأَخضر ،ويُقَدم للأولاد ، الذين يُمارسون عادة الشحدة ، ويُخبز فيه المخمر ، وله طقوس جميلة تنحفر ذكراها في نفس كل من عاصرها ومارسها .
ويقع في شهر نيسان أربعة خُمسان ، وهي :
1- خميس النبات .
2- خميس الأموات.
3- خميس شتوة أقداح الأموات .
4- خميس الموسم.
أما عن خميس النبات ، فهو يعني أن النبات بدأ يصلُب ،وتقل منه نسبة الماء وصار أكثر فائدة للمواشي ، وأكثر إدراراً للحليب ، وبالتالي أكثر فائدة للفلاح ، وصار يستحق أن تكون له مناسبة وأن يُسمّ أحد الخُمسان باسمه .
أما عن خميس الأموات فهو عرفاناً لله على الخيرات التي تأتي في هذا الشهر فإن الفلاّحين يذكرون أمواتهم ويتصدقون عنهم ، ويمارس الأطفال عادة غريبة إذ ما يحل الغروب حتى يحمل كل طفل كيساً من القماش ويطرقون البيوت بيتاً بيتاً وهم يرددون عبارة واحدة : (شحدوني بيضه ولاّ مخَمَّره !!(
وتكون كل أسرة قد جهزت البيض المسلوق والمصبوغ بورق البصل والعُشب الأخضر والذي هو دلالة للخصب والربيع ، والمخمر ، وهو أقراص من الخبز الخاص ، حيث احتوت عجينته على الزيت وصبغة العُصّفُر الصفراء (الكركم ) ، والقزحة والسمسم ، وخُبِزَت بالطابون .
وكذلك القطين وهو التين المجفف والزبيب وهو العنب المجفف ، وكان العنب والتين هما عنوان قرية سنجل .
أما الموسرون وهم من كان رب الأُسرة موظفاً أو جندياً فقد كانوا يُقدمون ( الحامض حلو ) الملبس وبيض الحمام وهو ملبس محشو باللوز.
وعندما يطرق الأولاد باب البيت ويهتفون (شحدوني بيضه ولاَّ مخمره(، فإن كانوا من عظام الرقبة ) فيقال : أعطوهم بيضه أو مخمره وأحيانا ألبيضه والمخمرة معاً .
أما إن كانوا غير ذلك ، فيقال لا خمَّرنا ولا بيَّضنا ،أعطوه حبة ملبس ولاّ طورة قُطين ) والطورة هي بضع حبات ،ما يملأ راحة اليد ....!!!
ومن أطرف ما في الخميس هو سبب تسول الأطفال وهو انه يُطيل العُمر !!!
أما خميس غسيل أقداح الأَموات ، فهو ما يُصطلَح على تسمينها ((شتوة نيسان اللي بتحيي الإنسان ) وهي تكون في الخميس الثالث من نيسان ، يعتقد الفلاحون أنها من أجل غسيل الأواني التي تم استخدامها من اجل الصدقات عن أرواح الأموات ....!!!
ولشتوة أقداح الأموات ، أو مطرة الخميس ، والتي يرافقها برد ورياح شديدة ، تشتهر ب (هوا السبل اللي بطرح الجمل ) ولها حكايات يضيق بها البحث) ، وهي برأي الفلاح الفلسطيني لا بد منها ، حتى قالوا : (لو ألقو الدْريس على الدْريس ، لا بد من شتوة الخميس) ، والدْريس هو الشوك ، والمعنى لو التقى شوك هذه السنة على شوك السنة الماضية ، لا بد من تلك الشتوة الهامة جدا ...!!!!
أما الخميس الرابع فهو خميس الموسم ،وفيه لا يباع ولا يُصَنَّع حليب يوم وليلة ، حيث يقوم الفلاحون بنقع القمح وعصره لاستخراج النشاء وطبخ الحلويات من الحليب مثل البحتة وهي من الأرز و الحليب ، والهيطلية وهي الطحين والحليب ، المهلبية وهي من النشاء والحليب ، والخبيصة وهي من الخروب الناضج والحليب ، والمسرولة وهي من الخروب الأخضر والحليب ، ويتم توزيعها على الناس ، ثم يُجَز صوف الضأن ، يتم غسل المواشي وصبغ ظهورها بالمغَّرة الحمراء ....!!!!
وهكذا يتم وداع الشتاء واستقبال الصيف .
معلومات عايشها ومارسها الكاتب حسب عادات وتقاليد أهل سنجل .