لم يبق الا ارسالهم لافران الغاز
زاد الاردن الاخباري -
تتعامل السلطات الاسرائيلية مع الشعب الفلسطيني كما لو انه ينتمي الى فصيلة اخرى لا تنتمي الى البشرية والحياة الانسانية، فقد حولته الى حقل تجارب لاختبار فعالية اسلحتها، وقدمت ضباط جيشها وامنها ومخابراتها الى العالم كخبراء في القمع والارهاب بفعل الخبرات العلمية التي اكتسبوها من خلال قمعهم للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة.
ومن هذا المنطلق لم تفاجئنا الوثيقة التي نشرتها الصحف الاسرائيلية امس والتي جرى اعدادها في مكتب تنسيق اعمال الحكومة الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة التابع للجيش، عن تفاصيل حصار قطاع غزة، وتجويع سكانه، وتحديد كمية الغذاء التي يتعين على الفلسطيني تناولها يومياً وتحديدها بـ2279 سعرة حرارية. فلو استطاعت اسرائيل تحديد كمية الهواء التي يستنشقها ابناء الشعب الفلسطيني لما ترددت في ذلك.
الجيش الاسرائيلي، وبمثل هذه المعاملة اللاانسانية لاكثر من مليوني فلسطيني محاصرين من البر والبحر والجو، يذكرنا بمعاملة شبيهة للجيش النازي للمعتقلين اليهود في المعازل النازية، مع فارق وحيد وهو ان الجيش الاسرائيلي لم يرسل الفلسطينيين الى افران الغاز حتى الآن على الاقل.
قطاع غزة تحول الى سجن كبير يملك مفاتحيه الجيش الاسرائيلي ووصلت درجة السادية لهذا الجيش الى منع الدواء والغذاء والوقود، وقصف شبه يومي من قبل الطيران لاغتيال الناشطين المعارضين لهذه المعاملة غير الانسانية ومقاومة الاحتلال اساس البلاء.
الجيش الاسرائيلي كان وقيادته، يتلذذون بتعذيب الشعب الفلسطيني، ويستمتعون بأنينه من جراء الحرمان والمعاناة، تحت سمع العالم الديمقراطي الحر وبصره، مطمئنين الى غياب اي تدخل خارجي، فمن يستطيع او يجرؤ على تحدي اسرائيل، والاحتجاج على ممارساتها هذه؟
هذه هي المرة الاولى التي نسمع فيها، وفي القرن الواحد والعشرين، باقدام جيش يدعي انه يمثل دولة حضارية تعتبر الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط حسب التوصيف الامريكي والاوروبي، على تقديم الحد الادنى من السعرات الحرارية، الى شعب تحت الحصار، وبما يبقيه بالكاد على قيد الحياة.
هذه هي المرة الاولى التي نسمع ونقرأ فيها ان هناك جيشاً يحصي كل سعرة حرارية بحيث لا تزيد واحدة منها فقط لمن تقدم اليه، في ابشع نموذج للحقد والبخل والتقتير والتجويع في كل عصور البشرية.
قرأنا ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي كانت تسمح بمرور كميات محدودة من بهار الكمون، ولكنها تمنع مرور او استيراد بهار الكزبرة على سبيل المثال والحصر، وعندما يسأل ابناء القطاع عن تفسير لمثل هذا التصرف لا يجدون غير الازدراء.
لا نعرف ما اذا كانت الكزبرة تستخدم في صناعة وقود صواريخ القسام، او يمكن ان تشكل نواة لقنبلة نووية، وكل ما نعرفه انها نوع من التوابل يستخدمها الفقراء لتحسين مذاق طعامهم اليومي من البقوليات مثل العدس والفول والفاصولياء، لانهم لا يستطيعون شراء اللحوم والدجاج والاطعمة الاخرى.
اسرائيل ارتكبت وترتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين ليس لانها قتلت 1400 انسان من ابناء القطاع اثناء اجتياحها له شتاء عام 2008 فقط، وانما باستمرارها في فرض الحصار على القطاع حتى الآن.
نهدي هذه الوثيقة الدامغة الى الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وكل الدول الاوروبية التي تتزعم الدفاع عن حقوق الانسان، ولا تتورع عن التدخل عسكرياً من اجل حمايتها وفرض احترامها، وتغيير الانظمة التي تنتهكها.
القدس العربي