غريب أمر هذا الداعية الذي استطاع ان يكون ملهما للعديد من شباب العرب والمسلمين ومرجعية رائده لما يشهده العالم العربي والإسلامي والشباب عموما من تحديات في ضل الصراعات التي يشهدها العالم، لكنه ومنذ فترة كان أثار زوبعة واسعة لا داع لها بين ابناء الامة حين اتهم المرجعية الدينية العليا في العراق علي السستاني بالزندقه ! وهو الأمر الذي احتاج الى جهود واسعة لتهدئة الخواطر بين مناصر للفكرة ومندد بها ، رغم ما تركته من اُار سلبية واسعة بين ابناء الطوائف عامة والشيعة خاصة .
واليوم وفي توجه غريب وعجيب يعلن الداعية محمد العريفي بطل المحطات الفضائية ذات التوجه الديني الرسمي كذلك انه يرغب التوجه الى إسرائيل لتسجيل حلقة جديدة من حلقات برنامج \" ضع بصمتك \" التي تبث على قناة اقرأ إحدى قنوات مجموعة ( ART ) من لمسجد الاقصى خلال الأسبوع الحالي ، وهو الأمر الذي رحبت به إسرائيل فورا ودعته إلى الحصول على التأشيرة من السفارة الإسرائيلية في عمان ! فيما اعتبرته الصحافة الألمانية نقلة نوعية لعلماء المسلمين ، فرصة طيبة للانفتاح عى العلماء المسلمين والمعتدلين منهم خاصة .
لم يكن توجه وإعلان الداعية برغبته زيارة إسرائيل محط ترحيب من قبل كل من أحب الرجل واحترم فكره ، حيث ادان الفكرة عدد كبير من علماء المسلمن ودعاتهم وعلى رأسهم الداعية غائض القرني الذي دعا العريفي الى إلغاء ألفكره ، فيما أفتى الداعية الدكتور عوض القرني الى تحريم الزيارة في ضل الاحتلال الإسرائيلي للمقدسات الإسلامية وعدم جواز الاعتراف بإسرائيل وتقديم طلب الحصول على التأشيرة من مؤسساتهم وسفاراتهم المختلفة وختم جواز السفر لدولة اسلامية كبيرة بخاتم الدولة المحتلة ، وكانت السعودية وعلى لسان احد موظفي وزارة الداخلية قد هددت الرجل بعقوبات حال تجاوزه قرار الدوله منع الزيارات لعدد من الدول ومن بينها إسرائيل . و في فلسطين المحتلة فقد اثار قرار العريفي زيارة الاراضي المحتلة احتجاج واسع بين المواطنين لفلسطيننين واعتبروه تطبيعا مجانيا مع اسرائيل وتحد قاس لمشاعرهم في و قت يتعرض فيه الاقصى لأبشع سياسة تهويد وهدم ، وقد رفضت حركتا حماس والجهاد الاسلامي تلك افكره دعيا الى الغائها .
لقد أثارت تلك الخطوة او الإعلان عن الزيارة سخط الجمهور العربي والإسلامي المتابع لخطاب الرجل واعتبره الكثير منهم تحد صارخ لمشاعرهم ونددوا بتلك الرغبة غير المتزنه ولا العاقله واعتبروه انجازا مجانيا يقدم لدولة العدو ، فيما اعتقد العديد منهم بداية الأمر أنها دعاية سخيفة يراد منها الإساءة للرجل ! واشار احد المتابعين له انه سيرفض الاستماع للرجل بعد ذلك لأنه يخالف ما كان ينادي به ويطالب الناس للعمل به . وتسائل البعض عن جدوى وصدق التوجه لكل ما كان يطرحه العريفي طوال حياته !!
ان كانت تلك الرغبة التي أرادها العريفي قد لاقت سخط واستياء الناس وكذلك حكومة بلاده الرافضة للفكرة وأمام إصرار الرجل على مواصلة المسير إلى الاقصى على حد تعبيره فأنه بذلك قد ساهم بتحقيق هدفين عظيمين تخدم اسرائيل ، اولها ان اسرائيل ستجد في هذه الزيارة فرصتها للحد من مأزق العلاقات مع العالم ككل والعرب بشكل خاص في الفترة الاخيرة بسبب سياسة التوسع الاستيطاني والتهويد المتعمد للمقدسات الاسلامية ، ويفتح الباب امام اجتهادات اخرى قد تتكرر لاقبال علماء المسلمين على الانفتاح على اسرائيل وزيارتها وامكانية اللقاء مع مسؤولين في الحكم من جهة ، وتحقيق هدف انفتاح العرب عامة وتليين الموقف الشعبي العربي لتقبل فكرة التعامل مع الاحتلال من جهة اخرى ، بمعنى ان التطبيع الشعبي قد يكون عبر بوابة علماء الدين انفسهم .
و من جانب اخر، فأن الزيارة اذا ما تمت من قبل رجل يعتبره الناس احد رواد التغيير في العالم العربي والاسلامي فأنها وبلا شك ستكون ضربة موجعة لأتجاهات الناس وايمانها بعلمائها بعد سلسلة هزات اضرت بموقف علماء المسلمين ومؤسساتهم بسبب ارائهم في العديد من القضايا التي حصل فيها جدال كبير وخاصة المتعلق منها بالصلح مع اسرائيل في ضل الاحتلال او ما تعلق منها بفتاوي الحياتة اليومية ، وانها ستعيد الناس وبلا شك الى التشكيك بعلمائهم وسعيهم للظهور والاستعراض واحتلال اخبار الفضائيات على حساب معتقدهم وثقافتهم ، والنزوع الى رفض الاستماع اليهم او متابعة اطروحاتهم وبالتالي الغاء المرجعيات الدينية من حياة الناس لعدم الثقة بهم جراء ما يسلكونه في حياتهم .فهل سيستمر العريفي في موقفه الذي ترحب اسرائيل به وتنتظره منذ زمن ، ام ان العقل سيعيد للرجل لتقييم قراره والتراجع عنه ؟!